هدهدة…/ الٱن حصحص الحق…/ الشريف بونا

نواكشوط 30 02 اغسطس 2020  ( الهدهد .م .ص)

قص علينا القرٱن الكريم أن امرأة عزيز مصر عندما سلب عقلها شطر الجمال الذي أعطاه الله ليوسف عليه السلام راودته عن نفسه فرفض الاستجابة لطلبها حاولت بكل ما أوتيت من قوة نفوذ في ذلك الوقت أن تلصق به تهمة الخيانة بالأعتداء عليها ..
شاع الخبر وذاع في المدينة وبقية القصة محفوظة وهي من أحسن القصص التي نزلت في القرٱن الكريم ..
عندما طالب اعضاء من السلطة التشريعية بتشكيل لجنة للتحقيق في ملفات تحوم شبهة الفساد حولها والتدقيق في الثراء الفاحش الذي حل ببيوت كانت تكاد لا توقد النار فيها لطهي طعام من شدة الفقر والفاقة.

لقد حاول البعض وحتى من زملائهم في السلطة الثانية تثبيط عزائمهم وجعل ما سعوا إليه ضربا من المحال وتصرفا مغاير لما دأبت عليه هذه الهيئة الموقرة.
فما كانت تقوم به من رقابة في العقود الماضية على المال العام ومتابعتها لتسيير عمل السلطة التنفيذية ينحصر في طرح سؤال شفهي على وزير مصدق في ما يدافع به عن نفسه .. وترفع الجلسة…
لقد صمم النواب الوطنيون على موقفهم ودعوتهم لتشكيل لجنة تحقيق برلمانية فظل الفريق الٱخر مصمما على رفضه معولا على أن السلطة التنفيذية وكعادة السلطات التي قبلها لن تقبل ذلك وستكون هذه الدعوة لتشكيل اللجنة مجرد مضيعة للوقت في أمور تافهة.
القشة التي قصمت ظهر بعيرهم أن رئيس الجمهورية السيد محمد ولد الشيخ الغزواني قال بالحرف الواحد ” أن لا مجاملة عنده في الفصل بين السلطات… مؤكدا أن كل سلطة مطلوب منها في هذه المرحلة من تشكل الدولة أن تقوم بدورها كاملا غير منقوص لنتمكن جميعا من إخراج البلد من عنق الزجاجة التي يدور فيها منذ أكثر من ستين سنة..” .. فقر منتشر في كل مكان، ..وحرمان شرائح عريضة من خيرات بلدها… وغبن لا يصدقه العقل…
لقد تحقق للأعضاء ما ارادوا وصادق البرلمان بالأغلبية المطلقة على تشكيل لجنة تحقيق برلمانية تضم أعضاء من المولاة والمعارضة وبرئيس قادر على تسيير عمالةاللجنة ، ومنحتها السلطة التنفيذية كل الوسائل لإنجاز عملها الذي يتطلب فتح الأبواب أمامها والاستعانة بخبرات وطنية ودولية وتوفير كل الٱليات الأخرى المادية اللازمة لتجسيد عملها في ظرف محدد بالزمان في ستة اشهر غير قابلة للزيادة.
شرعت اللجنة في التحقيق وفتحت الملفات وواصلت عملها دون كلل ولا ملل معتبرة أن هذه التجربة الأولى من نوعها يجب أن تتكلل بالنجاح وأن تحقق الأمال المعلقة عليها في الكشف بتجرد وموضوعية عن مسار الثروات التي تم التحايل عليها ونهبها في العشرية الأخيرة من اموال الشعب …
وبعد استجواب معمق للمعنيين بهذه الملفات ووضع الأدلة والبراهين أمامهم واعترافهم بما اقترفوا من خرقات وتجاوزات في هذه الصفقات وغيرها…
وضعت اللجنة كل المعلومات التي استنجتها من خلال التحقيق في تقرير نهائي تم عرضه ونقاشه في جلسة علنية امام السلطة التشريعية بكامل أعضائها الحاضرون .
ورغم أن الجميع بما في ذلك الرأي العام الوطني  تفاجأ من الأرقام الخيالية التي كشف عنها التقرير اقتنع بضرورة إحالة كل الملفات التي تدخل في اختصاص السلطة الثالثة” القضاء” إليها ..وترك الملفات التي من اختصاص محكمة العدل السامية إلى حين تشكلها بعد المصادقة على القوانين المنظمة لها في الأيام الأخيرة ..
الأن حصحص الحق ورفعت لجنة التحقيق البرلمانية يدها عن التقرير الذي أبان عن الكثير من الخرقات والتجاوزات في حق وطن نهبت ثرواته , وشعب عاني من الجوع والمرض والجهل… وسلب منه اغلى ما يملك ” قيمه وأخلاقه وتسامحه الذي ظل مصدر فخره واعتزازه عبر التاريخ..”
تبقى الكرة في مرمى العدالة التي تشرئب نفوس المواطنين إلى انصافها لهم ممن عاثوا فسادا في أرضهم …
ترى هل يتحقق ذلك أم ستذهب الجهود سدى وتعود حليمة الى سيرتها الأولى .؟

مقالات ذات صلة