العلاقات بين الامارات- وموريتاني نموذج حي للتعاون المثمر
اعتبر عدد من الخبراء والمحللين السياسيين الموريتانيين أن العلاقات الموريتانية الإماراتية تعكس المثال الحي والنموذج الأفضل للتكامل والتآخي بين الأشقاء، من خلال تعدد مجالات التعاون وأهمية ملفات التنسيق المشترك على الصعيدين الإقليمي والدولي.
وتوقف الخبراء والمحللون في أحاديث خاصة منفصلة لـ”العين الإخبارية” عند دلالات ورمزية اختيار الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني للإمارات كأول بلد عربي يزوره منذ تولي السلطة في البلاد قبل 6 أشهر.
علاقات راسخة
الكاتب والمحلل السياسي الموريتاني عبدالله محمدو الشيخ المحفوظ اعتبر أن العلاقات الموريتانية الإماراتية “تاريخية ومتينة ووثيقة، مستندة إلى وشائج قوية من الأخوة الثقة”.
وأوضح الشيخ المحفوظ في حديث لـ”العين الإخبارية” أنها “علاقات ولدت لتبقى في قلوب وفكر القيادتين والشعبين”، مبينا أن “زيارة الرئيس الغزواني للإمارات في معانيها ودلالاتها تعبير عن تميز وخصوصية هذه العلاقات”.
وأشار الكاتب والمحلل السياسي الشيخ المحفوظ إلى أن “اختيار الغزواني للإمارات كأول بلد عربي يزوره له ما يفسره وهو المستوى الاستراتيجي لهذه العلاقات الذي يجسده التطابق التام في المواقف والنظرة المشتركة لقضايا المنطقة والإقليم، وعرفان موريتانيا بالجميل للإمارات كسند أخوي ظل يحفظ الود ويزرع المحبة في قلوب الموريتانيين”.
وأبرز عبدالله محمدو الشيخ المحفوظ أن “احتضان نواكشوط مؤخرا مؤتمر علماء الأفارقة المنظم من قبل منتدى تعزيز السلم بالمجتمعات المسلمة الذي يقع مقره في أبوظبي يعكس جانبا آخر للتعاون والتنسيق بين البلدين خاصة في مجال نشر قيم الوسطية والاعتدال والتسامح ونبذ التطرف والتعصب”.
وبين الشيخ المحفوظ أن “هذه الزيارة الحالية التي يقوم بها الغزواني للإمارات سيكون لها الأثر الطيب في مستقبل تطوير هذه العلاقات وتعدد مجالات التعاون والتنسيق المشترك بما يحقق التكامل التام الذي تطمح إليه قيادة البلدين وشعبيهما الشقيقين”.
تنسيق مشترك
بدوره، يرى الكاتب والمحلل السياسي الموريتاني الدكتور محمد ولد يحيى أن “زيارة الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني للإمارات تحمل دلالات عدة ودوافع موضوعية تتعلق بعمق العلاقات وحجم التعاون بين البلدين في كل المجالات”.
وأشار ولد يحيي في حديث لـ”العين الإخبارية” إلى أن “توقيت الزيارة يعطي أيضا دلالة عميقة تحيل إلى ما توصل إليه البلدان من تنسيق محكم في مجال السياسة الخارجية خاصة فيما يتعلق بقضايا شمال أفريقيا ومنطقة الساحل”.
وأوضح ولد يحيى أن وصول الرئيس الغزواني إلى الإمارات بعد مشاركته في الدورة الثامنة “للجنة الاتحاد الأفريقي رفيعة المستوى حول الوضع في ليبيا” يدفع إلى الاعتقاد بوجود تنسيق بين البلدين فيما يتعلق بقضايا المنطقة خاصة الوضع الليبي بعد أن أصبح عرضة لتدخل بعض القوى الإقليمية.
كما توقف المحلل السياسي ولد يحيى كذلك عن توقيت الزيارة كونها تأتي أيضا قبل تسلم موريتانيا الوشيك رئاسة مجموعة دول الساحل الخمس، ما يعكس بعدا آخر في العلاقات الاستراتيجية بين البلدين ومستوى التنسيق بينهما تجاه القضايا المرتبطة بأمن المنطقة والإقليم.
الكاتب الموريتاني أطويل لعمر محمد فال اعتبر هو الآخر أن اختيار الغزواني دولة الإمارات العربية المتحدة لتكون وجهته الرسمية الأولى يعكس الانحياز لمحور القوة والاعتدال ومحاربة التطرف.
وأشار الكاتب في تدوينة بحسابه على “فيسبوك” إلى أن هذه الرمزية المرتبطة بالاختيار تعطي لموريتانيا التأثير الدولي والوزن الإقليمي والتنسيق العميق مع الحلفاء والأصدقاء بما يضمن مصالحها ومصالح وأشقائها.
مجالات حيوية للتعاون
وترتبط موريتانيا والإمارات بعلاقات أخوية وتعاون واعد ومثمر في عديد المجالات، تترجمه هذه الزيارة التي يقوم بها الرئيس الغزواني للإمارات.
وأعلن الجانبان في كثير من المناسبات تطابق وجهات النظر والمواقف بينهما في عديد القضايا العربية والإقليمية والدولية، خاصة مكافحة الإرهاب والتطرف، ورفض التدخلات الأجنبية في المنطقة التي تعمل على تقويض الأمن والاستقرار.
وتجلّى تميز وتطور هذه العلاقات في تبادل نشط لزيارات كبار المسؤولين، وتنسيق المواقف السياسية، وتوقيع اتفاقيتين مُهمتين، تعلقت إحداهما بمنع الازدواج الضريبي، فيما تعلقت الثانية بتشجيع الاستثمار، إضافة إلى ما تحقق من تعاون مُثمر في مجالات حيوية؛ كقطاعات الصحة، الطاقة، الدفاع، الثقافة، التربية، والدعم الاقتصادي والمالي.
وشهد مجال الطاقة مثلا جانبا مهما من مجالات التعاون، وكان أبرز ما تحقق في هذا المضمار محطة الشيخ زايد للطاقة في موريتانيا التي تعد أكبر مشروع من نوعه في شبه المنطقة وهي هبة مجانية للشعب الموريتاني.
كما شمل العون الإماراتي مجال الصحة، حيث تمت توسعة وتأهيل وتجهيز مستشفى الشيخ زايد في نواكشوط من جديد، إضافة إلى الشروع في بناء مركز الشيخة فاطمة بنت مبارك للأمومة والطفولة بالمستشفى نفسه، كلها شواهد قوية ومؤشرات صادقة على إرادة حقيقية في تطوير العلاقات بين البلدين الشقيقين.
وفي المجال الأمني والعسكري قامت حكومة الإمارات بإجراء دورات تكوينية في نواكشوط وفي دبي للعديد من عناصر الأمن الموريتانية خاصة العاملين في مجال أمن المطارات.
ويتجسد التعاون العسكري المتميز لدولة الإمارات العربية المتحدة من خلال معارضها التي تحظى بسمعة عالمية تؤكدها نوعية وأعداد المشاركين فيها لكون دولة الإمارات توفر بيئة تنافسية عالمية.
كما مولت الإمارات تشييد كلية للدفاع تحمل اسم ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة الإماراتية الشيخ محمد بن زايد آل نهيان.
وتتمثل مهام “كلية محمد بن زايد للدفاع” الفريدة من نوعها في شبه المنطقة، في تكوين وتحضير الضباط السامين من القوات المسلحة لمجموعة دول الساحل الخمس لشغل وظائف قيادية عليا.
وفي المجال الاقتصادي تتجسد الروابط الاقتصادية بين البلدين في كثير من المشاريع التي ساهمت المؤسسات الاقتصادية والخيرية الإماراتية في إنجازها في موريتانيا، خاصة مؤسسة زايد الخيرية وصندوق أبوظبي للتنمية، من خلال تقديم القروض الميسرة والمنح والمساعدات السخية والتدخل في الحالات الإنسانية الطارئة.
وتقوم كل من هيئة الهلال الأحمر الإماراتي ومؤسسة خليفة بن زايد آل نهيان للأعمال الإنسانية ومؤسسة زايد بن سلطان آل نهيان للأعمال الخيرية والإنسانية والهيئات الخيرية الإماراتية المتعددة بنشاط إنساني وخيري معتبر ومقدر في موريتانيا.
وتساهم الإمارات حاليا من خلال قرض بـ110 ملايين دولار أمريكي من صندوق أبوظبي للتنمية في بناء الطريق الاستراتيجي الذي يربط بين بعض المدن الشرقية في موريتانيا وصولا إلى الحدود المشتركة مع جمهورية مالي المجاورة.
وأقيمت العلاقات الدبلوماسية بين البلدين الشقيقين بصورة رسمية عام 1973، حيث افتتحت موريتانيا سفارة لها في أبوظبي عام 1974، ليعقب ذلك افتتاح دولة الإمارات سفارتها في نواكشوط في عام 1994.
يذكر أن عدد الموريتانيين في دولة الإمارات يبلغ نحو 5965 مقيما خلال عام 2017، يعملون أساتذة وقضاة وأئمة ومفتين وإعلاميين ورجال شرطة وتجارا وفي مجالات متعددة أخرى، فيما بلغ عدد الزائرين نحو 5251 زائرا في العام نفسه.