انطلاق أشغال قمة ابو المتعلقة بالأمن في الساحل
وقد سيطر ملف الأمن في بلدان الساحل الأفريقية ومصير القوة الفرنسية «برخان» المنتشرة فيها منذ العام 2014، على بساط البحث خلال هذه القمة.
ودعا الرئيس إيمانويل ماكرون، لهذه القمة عقب مقتل 13 ضابط وضابط صف من القوة الفرنسية في حادث تصادم طوافتين أثناء عملية عسكرية في جنوب شرقي مالي الشهر الماضي، ضد مجموعات إرهابية، غير بعيد مما يسمى «الحدود الثلاثة» (مالي، النيجر، بوركينا فاسو). ووضع الرؤساء بهذه المناسبة اكليلا من الزهور، تخليدا للضباط الفرنسيين الذين سقطوا في تلك العملية العسكرية.
وتعكف القمة على النظر في الأوضاع الأمنية ومصير قوة «برخان» وما تحقق على طريق توفير الإمكانات البشرية والعسكرية لمحاربة المجموعات الإرهابية التي تنشط بقوة في اربعة من بلدان الساحل الخمسة منذ العام 2015.
وترمي القمة حسب المصادر الفرنسية على المدى القصير، إلى إعادة توضيح الإطار والشروط السياسية التي تتحكم بحضور فرنسا (العسكري) في بلدان الساحل، إلى جانب قوات الدول الخمس الأعضاء في القوة الخماسية» الأفريقية المشتركة.
وكان الرئيس الفرنسي قد قال في مؤتمر صحفي بعد قمة لندن الأطلسية الشهر الماضي: «لا أستطيع ولا أرغب في وجود الجنود الفرنسيين في بلدان الساحل طالما استمر الغموض بشأن الحركات المعادية لفرنسا» في إشارة إلى نمو الشعور المعادي لباريس في مالي والنيجر وبوركينا فاسو.
وأكد ماكرون أنه يريد من القادة الأفارقة أن يتبنوا «الوضوح» وأن يجددوا الطلب لبقاء القوات الفرنسية في بلدانهم وأن يتحملوا «مسؤولية» ذلك سياسيا. وقد جعل الرئيس الفرنسي من هذا التبني «شرطاً ضرورياً لا بد منه» وإلا «سيستخلص النتائج» في حال عدم توافره. وأخيراً، نفى ماكرون أن تكون لبلاده «مطامع استعمارية جديدة، إمبريالية أو اقتصادية»، بل إن هدف بلاده الوحيد «توفير الأمن الجماعي في هذه المنطقة والأمن الفرنسي كذلك».
وتراهن باريس على حصولها على دعم أوروبي إضافي، إلى جانب المساندة التي تحظى بها من بريطانيا وإسبانيا وإستونيا. لكنها ما زالت تشعر، رغم المساندة اللوجيستية الأوروبية والاستخبارية الأميركية أنها «وحيدة» في حربها على الإرهاب في هذه المنطقة من العالم.
ولم يتردد الرئيس إيمانويل ماكرون في التأكيد على أن بلاده تخوض الحرب «نيابة» عن الأوروبيين، وأن «السياق الحالي في بلدان الساحل يقودنا إلى النظر في الخيارات الاستراتيجية كافة».
وتراهن فرنسا حاليا على تشكيل قوة كوماندوز أوروبية أطلق عليها اسم «توباكا»، وأعلنت عدة دول أوروبية استعدادها للمشاركة فيها. لكن ما يقلق باريس علاوة على الخسائر البشرية والمادية، حسب المراقبين هو الثمن «السياسي» الذي تدفعه، وهو يتخذ أشكالا مختلفة، منها تصريحات لمسؤولين أفارقة تشكك بجدية باريس في محاربة الإرهاب، وأخرى شعبية تشكك بدوافع حضورها العسكري وتنسبه لمصالح استثمارية، وتربطه بثروات هذه البلدان المعدنية، ومنها اليورانيوم، كما في النيجر، إضافة إلى «أخبار زائفة» تتكاثر على مواقع التواصل الاجتماعي.
وبشكل عام، فإن القوات الفرنسية أخذت تعاني من شعور معاد. الأمر الذي دفع ماكرون إلى الدعوة لهذه القمة عقب الخسارة البشرية الكبرى الأخيرة التي منيت بها القوات الفرنسية في مالي.