بيرام : النظام الحالي قصر في اشياء … ويحسب له انفتاحه على المعارضة…!!
نواكشوط.30 نوفمبر 2019( الهدهد. م .ص)
اجرت جريدة القلم مقابلة مع النائب البرلماني بيرام ولد الداه ولد اعبيد تطرق فيها الى اوضاع الساحة الساسية وهذا النص الكامل للمقابلة التي نشرها موقع” الراية انفو”
بيرام الداه اعبيد، نائب برلماني، رئيس منظمة إيرا: “صفحة الرئاسيات طويت، والدولة الآن بحاجة إلى السير قـُدُما”.
القلم: بعد فترة وجيزة يكون الرئيس الجديد قد أمضى ثلاثة أشهر في السلطة. ما هو انطباعكم عن هذه الفترة؟ هل يمكن القول انه على الطريق المستقيم؟ هل تشاطرون رأي العديد من الموريتانيين، سواء في الأغلبية أو في المعارضة، الذين يشعرون أن النظام الجديد يخطو ببطء، وأنه لا يدلي بتصريحات، وأن لوحة وجهته ليست مقروءة بوضوح؟
بيرام الداه اعبيد: إذا ما اكتفيت بمعايير كمية، مثل قمع الرق، العدالة في الاكتتاب في القطاعات المدنية والعسكرية، تعيين الموظفين في مختلف الوزارات والهيئات، يكون علي أن أشعر بأنه ثمة تراجع، حتى لا أقول انحدار.
الحراطين، والناطقون بالبولارية، والسونينكيون والولوف والبمباره ولمْعلمين ما يزالون يعانون من التهميش. بيد أنه يمكننا أن نلاحظ تقدما خاصة في مجال انفتاح إعلام الدولة على المعارضة، واستعداد الحكومة للاستماع إلى وجهة النظر المغايرة. وهذا يؤدي إلى مزيد من الارتياح على جبهة حرية التعبير. وفي مجال حق الروابط فإننا ما زلنا نعاني من إجراءات التحريم بداعي أن كفاحنا يشكل مساسا بالوحدة الوطنية.
وبالطبع، فإن الحفاظ على موريتانيا وانسجامها، يمر، في أذهان المشرّعين، بالقبول، الجماعي، بأقل قدر من الاعدالة و الحيف كأساس للنظام والهدوء. وإجمالا، يُطلب من ضحايا الهيمنة القبلية أن يصبروا قليلا بعد قرون من الازدراء والمعاناة. وإننا نعتقد أن فرض الناس على مثل هذه التضحية، مرة أخرى، ليس منطقيا ولا يمكن الدفاع عنه.
القلم: هل لديكم انطباع بأن ظِل الرئيس السابق ما يزال يحوم حول الرئيس الجديد؟
بيرام الداه اعبيد: الرئيس السابق يظل ورقة قوية من جهاز هرم الدولة بفضل صداقته مع الرئيس الحالي. وإن التأثير والتواطؤات التي يحوزها لدى مختلف دوائر القرار تفاقم قرينة الاستمرار دون تغيير. إذا كنتم تريدون رأيي، فإن علاقاتهما –وانعكاساتها- لا تعنيني في شيء ما ظلت تنتج الحكر العرقي القبلي للدولة ورموزها.
القلم: كما هو شأن باقي قادة المعارضة، التقيتم بالرئيس غزواني. كيف كان انطباعكم عنه؟ وما هي تبعات هذا اللقاء؟
بيرام الداه اعبيد: الرئيس غزواني ترك لدي انطباعا بأنه سيتحاشى الحرب ضد معارضيه واستخدام العدالة ضدهم. بخصوص القضايا الكبيرة التي تمس حياة وذاكرة الموريتانيين (التفاوتات، العنصرية، نظام الفئات، الغلو الديني، البيئة) يبدو أنه يفضل التباطؤ والتروي على حساب القطيعة الشجاعة. أرى، في هذا الموقف، خطرا على البلاد.
الرئيس غزواني ليس في عجلة من أمره ويأمل في إرضاء الجميع. زمن الود المحابي ولى، وعلينا أن نتخذ قرارا صارما بطائلة الهلاك تحت الأنقاض. بيد أنه يحدوني الأمل بشأن هذا اللقاء بالرغم من غياب مآلات ملموسة له. قد يفاجئنا الرئيس بإصلاحات قوية في بداية مأموريته.. ودون أن أومن كثيرا بذلك، فإنني أرجوه على كل حال.
القلم: هل قال لكم الرئيس غزواني ما يفكر في القيام به بالنسبة للقاءاته مع قادة المعارضة؟ إذا كان الجواب نعم، هلا كشفتم لنا عنه؟
بيرام الداه اعبيد: لا، الرئيس غزواني لم يطلعني على هذا المنحى، غير أن رده كان إيجابيا وفوريا وصارما حول رفع حظر الأحزاب والروابط والمتابعات ذات الطابع المنحاز.
القلم: بعد لقاءات القصر الرئاسي، رأينا بعض قادة المعارضة في شنقيط إلى جانب رئيس الجمهورية. ما معنى هذا الحضور، ولماذا لم يتم استدعاؤكم؟
بيرام الداه اعبيد: لم تتم دعوتي لشنقيط ولست مهتما كثيرا بذلك. بينما حضور شخصيات المعارضة لهذا الحفل يدخل في صميم الاتجاه الصحيح للانفراج المرجو.
القلم: لنرجع إلى رئاسيات 22 يونيو. لقد رفضتم النتائج مثل باقي المرشحين. وباستجابتكم لدعوة الرئيس المنتخب يمكننا القول انكم طويتم تلك الصفحة؟
بيرام الداه اعبيد: نعم، هذه الصفحة طويت. الدولة بحاجة إلى السير قدُمًا. عندما التقي الرئيس مجددا سأحدثه عن العودة إلى التجمع الاقتصادي لدول غرب إفريقيا، عودة فعلية وليس عن طريق اتفاق ينقصه التطبيق حتى الآن. في انتظار ذلك فإن مواطني غرب إفريقيا، القاطنين على أرضنا، يتعرضون للكثير من الازعاج. وسوف أرافع أمامه، كذلك، عن المصادقة على اتفاق روما القاضي بإنشاء المحكمة الجنائية الدولية، واعتماد قانون يعاقب جريمة المساس الخطير بالطبيعة من أجل ردع قطع الأشجار ونهب المحيط وتلويث التربة واستخدام المنتوجات الضارة جدا مثل الزئبق والسيانيد في مواقع معادن الذهب من قبل شركات أجنبية تتمتع بمحاباة قصوى مثل كينروس.
كما لن أتخلى أيضا عن إرادة وضع مدرسة عمومية تلعليم اللغات الأجنبية، خاصة الفرنسية، تمشيا مع وسطنا الجيوسياسي. إن استخدام لغة واحدة يبلّد ويهيئ روح النقد لإجازة دائمة. تصوروا قوة الإقناع والوعي ووثبة التحرر إذا اكتشف عدد كبير من شباب الحراطين، عبر النصوص، أصحابَ المطالب الإنسانية الموروثين عن اليونان وروما والمادية الجدلية!.. أقول وأكرر أنه لا شيء في صلب ثقافة أسيادهم يؤهلهم للارتقاء نحو المساواة. إن عليهم أن يبحثوا عن المتنفس المخلص في تجارب بشرية أخرى، بعيدا عن هذه الأرض. لهذا فإن المنظومة تحاول إبقاءهم على مسافة من المعرفة التي تساعد على التحرر.
وأخيرا، سأكلم الرئيس حول أهمية عودة العلاقات الدبلوماسية مع قطر. فموريتانيا بحاجة إلى أصدقاء في الخارج، وهو ما يتطلب نوعا من الحياد. الحرب في اليمن والمشاحنات حول الأسبقية في الشرق الأوسط، لا يجب أن تحدد سياستنا الخارجية. هنا، فإن تصحيح المسار يفرض نفسه.
القلم: بُعيد هذه الرئاسيات، شاهدنا نوعا من التنافر حول الحوار. العديد من المراقبين لم يفهموا لماذا قرر عزيز، قبل أقل من شهر من مغادرته القصر وبعد أن رفض تماما كل وفاق حول تنظيم الانتخابات المحلية سنة 2018 ورئاسيات 2019، أن يبعث إليكم وفدا للوقوف على طرق ووسائل تنظيم الحوار. هل يمكنكم أن تشرحوا لنا الأسباب؟
بيرام الداه اعبيد: شخصيا أعرف دوافعي لهذا الحوار، أما دوافع الرئيس محمد ولد عبد العزيز فلا أعرفها.
القلم: ألم تكن هناك إرادة لتقسيم المعارضة ومرشحيها الذين أبدوا توحدا صارما خلال كل الحملة وحتى قبيل الانتخابات الرئاسية؟
بيرام الداه اعبيد: لا، إني أشك في ذلك، لأن النظام لا يجد أية صعوبة في تفعيل هذا الخلاف كلما أراد ذلك. وإلى جانب ذلك، فإن المعارضة، خلال وبعد الحملة، لم تكن موحدة إلى هذه الدرجة.
القلم: ألا ترون، كما يعتقد البعض، أن قبولكم، في هذه المرحلة بالذات، لقاء وفد من الاتحاد من أجل الجمهورية، كما هو الحال بالنسبة لإعلانكم عن الترشح السابق لأوانه، فيه مساس بتماسك المعارضة؟
بيرام الداه اعبيد: لا، لا أعتقد. المعارضة لم تكن أبدا قوية وحاضرة إلى هذه الدرجة إلا عندما قررت أنا ورفاقي الدخول في الحلبة. وأذكركم بأن ترشحي لم يكن أبدا إلا متوقعا بعد استحقاقات 2014 ضد ولد عبد العزيز. إذن لا يوجد، بهذا الصدد، ما هو “سابق لأوانه”.
القلم: هل تعرفون لماذا لم تختركم المعارضة مرشحا لها وهي من كانت تبحث عن مرشح وحيد؟
بيرام الداه اعبيد: المعارضة التقليدية في موريتانيا تظل ابنة عم النظام: من الجانبين، نجد نفس نخبة المجموعات المسيطرة التي تختار من بينها حسب قانون سفاح المحارم. هؤلاء الأشخاص يتناطحون في كل المجالات تقريبا، بينما يتقاربون عندما يتعلق الأمر بالوقوف أمام تدمير البنية الاجتماعية الذي نجسده، أنا ورفاقي.
القلم: أي علاقة تربطكم اليوم بـ”تحالف العيش المشترك” وقادته؟
بيرام الداه اعبيد: لا تربطنا أية علاقة، لكن ليست بيننا عداوات على الأقل من جانبي. أطمئنكم من هذا الجانب.
القلم: بعد 4 أشهر من الاعتقال، تمت تبرئة معتقلي لكصيبه من قبل محكمة كيهيدي. كيف تردون على من يتهمونكم، أنتم وتحالف العيش المشترك، بأنكم أسأتم تسيير الملف وأن الحكومة فعلت به ما تشاء؟ وماذا فعلتم لأجل الأسر قبل إطلاق سراح الموقوفين؟
بيرام الداه اعبيد: لست على علم بمثل هذه الاتهامات المتعلقة بنا في هذا الملف. وأفضل أن تطرحوا السؤال على أسر الموقوفين وعلى الموقوفين أنفسهم. وسوف تطلعون على الدور البارز لإيرا.
القلم: ترأس الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز اجتماعا للجنة الموقتة المكلفة بتسيير حزب الاتحاد من أجل الجمهورية. ذلك الاجتماع الذي أعلن خلاله أن الحزب ليس إلا هو. ما تعني بالنسبة لكم هذه الخرجة؟ ولماذا في هذا الوقت بالذات؟
بيرام الداه اعبيد: أعتقد أن العلاقات بين الرئيس الحالي وسلفه كانت دائما قوية ولم تزل. فالرئيس السابق ما يزال يتمتع بتعاطف جوهري في قيادة الجيش وفي الإدارة المركزية التي تحيط بخلفه.
وفي هذا الصدد، فإن الاتحاد من أجل الجمهورية صنيعة محمد ولد عبد العزيز. إذا تأكد أنه هناك خلاف في المسار والتطلعات بين الرجلين (وهو ما أشك فيه كثيرا)، فإن الأغلبية الساحقة من أعضاء هذا الحزب لن يتوانوا، دون حياء، من التراص إلى جانب الحاكم حاليا.
القلم: في مقابلة مع يومية “لو سولي” السينغالية، صرح ولد الغزواني بأن “القول بأن موريتانيا بلد استرقاقي لا أساس له من الصحة”. هل توافقون على فحوى هذا التصريح؟
بيرام الداه اعبيد: لقد قرأت التصريح الذي أنكر فيه الرئيس غزواني الحقيقة الماثلة للرق في موريتانيا، بحجة أن الدولة، من خلال القوانين، لا تضفي الطابع المؤسسي على ممارسة هذه الظاهرة، أريد أن أرد عليه بأن موريتانيا فعلا لا تضفي الطابع المؤسسي على الظاهرة من خلال نصوص القانون العصري، لكن الدولة تعزز وتتسامح وتدرّس، حتى في المدارس العمومية، تشريع وقوننة وقداسة التفاوتات بالمولد. وإن مبدأ المرجعية الدستورية للشريعة، كمصدر أساسي للقانون، يكرس قداسة الكتيبات التي تعلم للموريتانيين، من جيل لآخر، أن أشخاصا يمكن شراؤهم وبيعهم واستغلالهم جنسيا وتأجيرهم واستخدامهم دون راتب.
ليس سرا بالنسبة لأي أحد أن الشريعة، في الجمهورية الإسلامية الموريتانية، يحصل الخلط بينها مع النسخة المحلية للمذهب المالكي التي ينظم محتواها، في كل التفاصيل، علاقة السيد بعبيده. بالنسبة لنا نحن فالأمر يتعلق فعلا بقانون استرقاقي.
الأدهى من ذلك، اعتماد النواب، يوم 9 يونيو، لمشروع قانون “حول معاقبة التمييز” نصت مادته الـ 10 على تغريم وسجن كل “خطاب يناقض و/ أو يعادي المذهب المالكي”. ماذا يقول رئيس الدولة وأغلبيته عن هذا القانون الفظ؟.
الاعتراض الآخر على رئيس الجمهورية الإسلامية الموريتانية يتمحور في كون القضاة المكلفين بالعمل بالقانون لم يفتأوا ينحازون لصالح ممارسي الرق كما تشهد عليه مآلات كل الشكاوى. آخر مثال، قضية الفتاة غاليه ميغا، البالغة 14 سنة، التي أعيدت إلى جلاديها من طرف قاضي التحقيق عثمان ولد محمد محمود.
وأمام فعلة تبييض جريمة الرق والتمويه عليها، التي أبلغت عنها منظمة إيرا، انبرت نقابة القضاة للتحامل علينا وتهديدنا بالمقاضاة. كل هؤلاء القضاة تكونوا في المدرسة القضائية المالكية، وتشكلت طينتهم من التضامن العشائري والشعور بفوقيتهم وتفوقهم على السود، ما لم يمنعهم من التظاهر بالتقوى الصوري. بالنسبة لهؤلاء القضاة، فإن الدين يبقى أضمن وسيلة للهيمنة، تماما عكس النبي محمد (صلع)،