وزير الثقافة يشرف على الانطلاقة الرسمية لأعمال التنقيب الأثري بموقع آزوكي أطار

أطار 25 يناير 2025

أشرف معالي وزير الثقافة والفنون والاتصال والعلاقات مع البرلمان، الناطق باسم الحكومة، السيد الحسين ولد مدو، اليوم السبت، صحبة والي آدرار السيد عبد الله ولد محمد محمود، على الانطلاقة الرسمية لأعمال التنقيب الأثري، بموقع آزوكي فب بلدية عين أهل الطايع بمقاطعة أطار.

وتهدف هذه العملية، التي تشرف عليها وزارة الثقافة ممثلة في المعهد الموريتاني للبحث والتكوين في مجال التراث والثقافة، بالتعاون مع جامعة نواكشوط، والمركز الوطني للبحث العلمي الفرنسي، لاستكشاف آثار مدينة أزوكي عاصمة دولة المرابطين.

وأكد معالي الوزير، في كلمة بالمناسبة، أن هذه العملية تأتي تجسيدا لاهتمام فخامة رئيس الجمهورية السيد محمد ولد الشيخ الغزواني، بتراثنا وبذاتيتنا الثقافية من خلال تفعيل كل الأنشطة الهادفة إلى ترقية هذا التراث في مختلف مستوياته.

وأضاف أن حكومة معالي الوزير الأول السيد المختار ولد أجاي، تعمل على تجسيد هذه الإرادة بشكل ميداني في قطاع الثقافة، مؤكدا أن بلادنا شهدت خلال السنتين الماضيتين، ضمن برنامج طموحي للوطن، تحولا غير مسبوق في الجانب الثقافي، سواء تعلق الأمر بعمليات البحث والاستكشاف، أو في مجال تصنيف وتثمين تراثنا الثقافي على المستوى العالمي.

وأضاف أنه تم خلال السنة الماضية تصنيف المحظرة الموريتانية ضمن التراث الانساني من طرف منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو)، وتصنيف ملحمة (صمب كالاديو) كتراث إنساني، زيادة على تصنيف عشرات المواقع من تراثنا المادي واللامادي من طرف منظمة العالم الإسلامي للتربية والثقافة والعلوم (الاسيسكو).

وبين معالي الوزير أن انعقاد النسخة الثالثة عشر من مهرجان مدائن التراث بمدينة شنقيط بما شهده من ترفيع للمكونة العلمية والبحثية وحضور دولي لكل المؤسسات المهتمة بالتراث كان أكبر دليل على تجسيد وتعاطي وتجاوب مختلف المؤسسات المهتمة بالتراث مع تطلعات الموريتانيين نحو ترقية ذاتيتهم الثقافية وترقية تراثهم ونفض الغبار عنه وتسويقه واحلاله المكانة التي يستحقها.

وقال :”نحن الآن في موقع تاريخي أثري، وفي منطقة حكمت العالم من غينيا إلى حدود فرنسا لمدة عشرة قرون مضت، وهو أمر غير مسبوق بكل ما يحمله من رمزية التساكن والتعايش، وكذلك الاشعاع الثقافي والاقتصادي والاجتماعي وقيم التبادل والتواصل، خصوصا في جانبها العلمي والصوفي في هذه المنطقة”.

وأضاف معالي الوزير “هناك نماذج من دولة المرابطين التي حكمت كل هذا الفضاء الكبير، ومن واجبنا عليها، كما من واجب الإنسانية جمعا، أن تعمد إلى تجميع ذرات هذا التراث المتناثر في مختلف تجلياته، سيما ونحن نعيش فيها الآن”.

وأكد أن عودة عملية التنقيب إلى منطقة آزوكي هي تصالح مع المتطلبات التاريخية ضمن الاختصاصات الخاصة بقطاع الثقافة تجسيدا لرؤية فخامة رئيس الجمهورية، مستطردا حديثه :” لن ينحصر الأمر على منطقة آزوكي، وإنما سيطال باقي مواقعنا التراثية والأثرية، بما فيها منطقة كمبي صالح ومكسم بوبكر بن عامر، وجميع المظان التراثية التي ارتبطت بتاريخنا في تصالح مع التاريخ ووفاء للتضحيات التي قدمها كل هؤلاء من أجل التمكين لبلدنا ولحضارتنا ولقيمنا بكل ما تحمله من ثراء وتنوع”.

وقال :” نحن في لحظة تاريخية ستعيد تصالحنا مع متطلبات التنقيب الأثري بعد انقطاع دام نصف قرن، ولذلك نعيد الآن عملية الاكتشاف من جديد، بما فيها من خصوصية، أي أنها لن تكون فقط لفترة زمنية محدودة لاعتبارات معينة، وإنما هي بشراكة كبيرة بين وزارة الثقافة ممثلة في المعهد الموريتاني للبحث العلمي والثقافة والتراث والمعهد الفرنسي للبحث العلمي وجامعة نواكشوط، بما يضمن استدامة العمل وجديته ووجاهته”.

وأكد أن الاستدامة تعني أننا أمام مرحلة يتواصل فيها البحث على امتداد ثمان سنوات أو أكثر، مشيرا إلى أن الأمر لا يقتصر على عملية استكشاف الآثار التاريخية لهذه المدينة، وإنما كذلك تحويلها إلى ورشة تدريسية تضمن تخريج المزيد من الشباب المتخصصين في مجال الآثار.

وأشاد معالي الوزير بفتح جامعة نواكشوط لقسم خاص بشهادة ماستر في مجال الآثار، مؤكدا أن طلابه سيستفيدون من هذه الورشات الميدانية.

بدوره، رحب عمدة بلدية عين أهل الطايع السيد محمد ولد شينون، بمعالي الوزير والوفد المرافق له، مؤكدا أن عاصمة دولة المرابطين ازوكي كانت مدينة حافلة بالنشاط والحيوية منذو القرن الخامس الهجري، حسب ما نقله البكري وابن سعيد القلقشندي وابن خلدون.

وقال:” كانت ازوكي تحتوي على عشرين ألف نخلة، وسرية من رجال العلم والقضاء والحرب، وديار للقضاء والحكم، ومسجد دفن غير بعيد منه قاضي المدينة ومرجعيتها، إمام الصحراء أبوبكر المرادي الحضرامي الشنقيطي”.

وأكد أن ازوكي صنفت من طرف منطمة العالم الإسلامي للتربية والثقافة والعلوم كتراث إسلامي، مشيرا إلى أن الحفريات القديمة فيها أزاحت عن كنوز من قطع الفخار والأواني وقطع الدينار المرابطي كأول عملة نقدية تستخدم في البلاد.

وثمن العمدة الاهتمام الذي يوليه فخامة رئيس الجمهورية بالتراث ومدائنه وحرصه على أن تبقى هذه المدائن شاهدة على حقبة مزدهرة من تاريخنا، داعيا إلى استحداث مؤسسة ثقافية في المنطقة تعنى باكتشاف تاريخها وتثمينه والتعريف به.

أما السيد يب ولد شيخنا، مدير المعهد الموريتاني للبحث والتكوين في مجال التراث والثقافة، فقد أكد أن التراث الثقافي يكتسي أهمية بالغة باعتباره حافظ هويات المجموعات البشرية والشاهد على تنوعها وثراء تجربتها.

وأضاف أن موريتانيا من أقدم المناطق التي استوطنها الإنسان القديم خلال عهود ما قبل التاريخ، مشيرا إلى أنها تحتوي على عدد هائل من المواقع الأثرية، من بينها موقع كمبي صالح، واوداغوست وازوكي والمدن الأثرية.

وبين أن موقع أزوكي يقع على الطريق اللمتوني القديم الرابط بين مضارب لمتونة وشمال وجنوب غرب الصحراء، حسب ماذكره البكري في القرن الخامس الهجري أي القرن الحادي عشر الميلادي.

وأشار إلى أن الأمير أبوبكر بن عمر، اتخذها عاصمة للمرابطين وولى الفقيه محمد بن الحسن المرادي الحضرمي، على القضاء بها حوالي 453 هجرية أي 1061ميلادية.

وأكد أن الباحث ريمون موني زار آزوكي سنة 1953، وقدم وصفا لموقعها، وأخذ صورا جوية منه، واعتبر أنه لم يبق من آثار المدينة إلا القليل.

وأضاف أن الباحثين (دنيز روبير وشرج روبير) قاما بمهمتين لازوكي سنتي (1971-1970)، مبينا أن المعهد الموريتاني للبحث العلمي كلف (دنيز روبير وبرنارج شيزون) بالقيام بحفريات في آزوكي، وكانت آخر المحاولات سنة 2000م.

وبين أن الأعمال الحفرية الحالية تهدف إلى تفعيل العمل الحفري الوطني من خلال دراسة مواقع كل من أزوكي واوداغوست وكمبي صالح، مع تطوير المعارف الأثرية والتاريخية حول الفترة المرابطية بآزوكي وتكوين مصادر بشرية في المجال الأثري.

بدوره، شكر السيد أحمد مولود ولد أيده، رئيس قسم التاريخ بجامعة نواكشوط، فخامة رئيس الجمهورية على إرادته الصادقة الهادفة إلى تفعيل العمل الثقافي بهذا الموقع الأثري، مؤكدا أن هذا المشروع يكتسي أهمية خاصة بالنسبة لموريتانيا نظرا لاهتمامه بهذه المنطقة التي تعد مهد حضارة دولة المرابطين.

وأشار إلى أنه يحمل كذلك العديد من الأبعاد، إذ أنه ليس فقط مشروعا للبحث العلمي، بقدر ما هو مكونة ستعيد الحياة للنشاط الأثري في البلاد، فضلا عن دوره في تعزيز النشاط الأكاديمي لجامعة نواكشوط، خصوصا في ظل فتح قسم خاص للطلبة الراغبين في نيل شهادة ماستر في الآثار.

من جهتها، عبرت السيدة كلوريد كابيل، ممثلة المركز العلمي الفرنسي، عن سعادتها بالإشراف على هذه الحفريات، مؤكدة أنها تعمل على رأس فريق من الخبراء من جنسيات مختلفة من بينها فرنسا والمغرب والسينغال وتونس.

جرت انطلاق عمليات التنقيب بحضور الحاكم المساعد لمقاطعة أطار السيد الوالد جمال الدين الفروه، ونائب مقاطعة أطار، السيد أحمدو ولد عبد الله، وعمدة بلدية أطار، السيد إبراهيم ولد أبدبه، وعمدة بلدية أوجفت السيد السني عبداوه، والوجيه السيد عينين ولد أييه، والسلطات الأمنية بالولاية.

مقالات ذات صلة