خواطر … عين الصحراء صرامة المنهج ودقة في اختيار العناوين …/ خديجة ابراهيم

في عالم يغلب فيه الحديث عن وسائل إعلامية مختلفة ومتعددة ، فاقت وتجاوزت قوتها حدود الإتساع والإنتشار ،بفضل برامجها الحيوية المتميزة ، التي أثارت و استأثرت إهتمام المشاهد في كل مكان ، بات من النادر جداً أن تجد وسيلة إعلامية أخرى تمتلك نفس القدرة والتمكن على اجتذابه فضلا عن إشباع فضوله وتحقيق غاياته في ظل تحديات الترفيه و التسليه والتشويق.

هذه المعادلة الفكرية في المجال الإعلامي ،تجعل ممتهنيه أمام خيارات صعبة قد تقوض اي فكرة تدفع بصاحبها إلى المحاولة والجرأة في إختراق حجب الميدان.

لكن هناك من يمتلك عامل الجدية ومطمح الغاية والتجربة والكفاءة العالية ، والتمرس على امتهان الأشياء وملاحقتها وترويضها ، هو ما يخلق مسارا مغايراً يفوق كل التوقعات.

(برنامج عين الصحراء) الذي تبثه قناة موريتانيا المستقلة(قمم) بالتعاون مع مركز الموريتاني للدراسات والبحوث الاستراتيجيه والتنمية المستدامة والمسوح الاحصائية (داتا) هو خير مثال على ابجديات ومفاهيم مايدور حوله الحديث، فالبرغم من حداثته على الساحة الإعلامية الوطنية وعمره الذي يمتد إلى سبع حلقات فقط ،لكنه كان مستوي العود وناضج الفكر في استأثاره ، بتنوع المواضيع والملفات الاكثر جدلا في تاريخ البلاد ، لقدرته على رسم صورة المشهد السياسي ،والثقافي والدينى والاقتصادي، والاجتماعي ،بتقدير جد مدروس ،نجح من خلاله في إمتاع المشاهد شكلا وصياغة ومنهجا بإصرار ه المبهر في ملاحقة غاياته المبدئية المعلنة ، عن تعزيز معالم الصورة المثالية لهذا الوطن ،معتمدا إشراك فكر وآراء أبناء هذا الوطن على خلافهم واختلاف توجهاتهم ،لفهم مايدورخلف القاعدة.

البرنامج إعتاد في كل حلقاته على صرامة المنهج ودقة اختيار العناوين في سياق الجهد الاستراتيجي للقائمين عليه ،بطريقة لا تخلو البتة من وضوح الحيثيات ولا من إتساع الحيلة في إبراز وتوضيح ما يستوجب توضيحه ،لضمان وصوله إلى مدارك المواطن العقلية دون تشويه .

البرنامج على عهده اختار
هذه المرة عنواناً لافتا هو ( المقاومة الوطنية في موريتانيا والتحديات التي تواجه العالم 2025 ) تناول فيها المشاركون المختصون في تاريخ وجغرافية البلد ،قوة اليقظة والشعور الوطني للمقاومة الموريتانية واخلاصها وثباتها على وتيرة واحدة هيأت لها النصر والاستقلال والتحرر من قيود الذل والتبعية والاستبداد.

التزم المشاركون في العنوان منهجاً خاصاً أساسه إبراز جوانب العظمة في تاريخ المقاومة فسردوا الأسماء التي شاركت في إجلاء ودحر المستعمر وكان من بينها نسوة متميزات دون أن يتناسوا الأماكن والأزمنة والأرقام بصورة تبعث على قوة وعظمة حاضرنا المستمد من ماضينا العريق.

المشاركون المختصون أوضحوا قيمة تاريخ البلد ومقاومته وناقشوا أبعادها الفكرية والدينية والاجتماعية والثقافية تناولوا فيها شقيها العسكري والثقافي والمكانة والروح القوية لهؤلاء المقاومين المشبعين بالروح الوطنية والرغبة الجامحة في الذود عن ارضهم ومحاربة الاستغلال بأنواعه مدركين أن الاعتراف بالخنوع والضعف هو غض من قيمتهم الإنسانية والوطنية واستصغارا لشأنهم وصمموا على وضع حد لذالك ،معتمدين على مبادئهم ومعتقداتهم التي أخذوها من بيئاتهم المختلفة يحدوهم الأمل الممتزج بالوعي الفكري الاجتماعي ممتلئين ثباتا وثقة ويقينا ووفاءا ،مؤمنين بقدرتهم الربانية وقوة شكيمتهم ،وجلادتهم، رافضين مبدأ المسالمة والملاينة ،مفضلين تقديم مايروي ظمأ المتلهف خلفهم مما جادت به فوهات بنادقهم ليكشف دخان بارودها عن ماهية قوم لم يعرفوا للموت معنى ولم يمنحوا للتاريخ فرصة جهلهم ابدا.

القائمون على القناة أكدوا أن الندوة المخصصة للمقاومة الموريتانية جاءت تلبية لمساعي رئيس الجمهورية السيد محمد ولد الشيخ الغزواني الذي أعطى تعليماته للجميع بالاهتمام والعناية بتاريخ البلد وتمجيده لما له من قدسية معنوية ووطنية عالية، وامتنانا لما قدمه أبناء هذا الوطن من تضحيات سامية كان لها العمق ولاثر الأكبر في تأسيس الدولة ووجودها.

ذكرى المقاومة في موريتانيا لم تخلوا من تقديم مقاطع صوتية من ارشيف وتاريخ البلد لشخصيات وطنية مختلفة شاركت في صناعة القرار المتعلق بتأسيس الدولة عبر رحلة المفاوضات واللقاءات والمشاورات التي قادتها آنذاك .

لاشك أن قيام الدولة ووجودها قائمة بذاتها اليوم كان له الأثر الواضح في إبراز العمل الفكري والسياسي والاجتماعي والثقافي الذي نشأ عن قوة المقاومة ووحدتها وهو ثمرة من ثمرات الحنكة والفطنة المتقدة لأبناء الوطن ، كما أنها رسالة فكرية وطنية صرفة، تشحذ همم البررة في الإستمرار ، وتحذر أصحاب الفكر المتطرف ومتربصيه الذين نادرا ما يجدون متسعا لالتقاط الأنفاس ،كلما طفت أزمة اوظاهرة بادروها بالإحتضان.

مقالات ذات صلة