ولد غزواني لصحيفة فرنسية : انسحاب فرنسا من بعض الدول كان قرارا صائبا…
هذا نص المقابلة :
– لوفيغارو: استدعت فرنسا سفيرها في النيجر فيما تستعد لإجلاء جنودها الموجودين هناك. هل يعني هذا الانسحاب فشلا للوجود الفرنسي في منطقة الساحل؟
– محمد ولد الشيخ الغزواني: لن أقول إن ذلك يمثل فشلا أو إهانة لفرنسا كما سمعت، لكن انسحابها كان قرارا صائبا.
أما فيما يعني موريتانيا، فقد دانت الانقلاب في النيجر، كما دانت كل الانقلابات التي سبقته في منطقة الساحل.
– لوفيغارو: هل يمكنكم استقبال 1500 جندي فرنسي الذين سيغادرون النيجر من هنا إلى نهاية العام على أراضيكم؟
– محمد ولد الشيخ الغزواني: لا أرى أن موريتانيا، تمثل استراتيجيا أو جغرافيا البلد الأفضل لاستضافة قوات خصصت لمحاربة الإرهاب في منطقة الساحل.
إن عمل قوات مخصصة في جهاز كهذا يهدف لمكافحة الإرهاب، يكون منطقيا أكثر من بلد يقع أكثر في المركز أو بالقرب من ميدان التدخل. ثم إن موريتانيا لم تشهد أي هجوم إرهابي على أراضيها منذ سنة 2011، ولا شك أن حاجتها إلى مساعدة قوة متعددة الجنسيات أصبحت أقل.
– لوفيغارو: هل تتفقدون أخبار الرئيس النيجيري المخلوع محمد بازوم، المحتجز في مقر الرئاسة في نيامي؟
– محمد ولد الشيخ الغزواني: أتحدث معه عبر الهاتف من وقت لآخر. إنه محتجز بالفعل مع زوجته وابنه سالم. وهو في صحة جيدة ويقول لي إنه بصحة جيدة، حتى لو – لم يغب عن أحدً – أن ظروفه المعيشية ليست جيدة. إلا أنه يحافظ بالرغم من ذلك على معنوياته مرتفعة.
– لوفيغارو: لقد شهدت مؤخرا، باستثناء موريتانيا، أربع من دول الساحل الخمس (تشاد والنيجر وبوركينا فاسو ومالي) انقلابات أو تغييرا على رأس البلاد. هل ماتت في هذا السياق الجديد، مجموعة دول الساحل الخمس، التي أنشئت في سنة 2014 لمكافحة الإرهاب و التخلفالتنموي، ثم دعمتها فرنسا؟
– محمد ولد الشيخ الغزواني: لا. أؤكدها لكم جزما. مجموعة دول الساحل الخمس لم تمت. بل ماتزال هذه المنظمة، التي أترأسها حاليا، على قيد الحياة. ولم يخرج منها حتى الآن سوى دولة مالي. إن الأسباب وراء إنشاء هذه المنظمة – مكافحة الإرهاب والجهود المشتركة من أجل التنمية – ما تزال قائمة. ولا تزال تحدياتنا المشتركة قائمة.
لقد خلق بالفعل خروج مالي مشكلة تمثلت في عدم استمرارية عملياتنا العسكرية المشتركة التي تتواصل مع دول أخرى. وعلينا حتما أن نتغلب على خلافاتنا بالحوار لتحقيق أهدافنا على الجبهتين المذكورتين. نحن بحاجة إلى التحدث مع بعضنا البعض. القاعدة هي التشاور وأريد أن أبقى متفائلاً. ومن واجبنا جميعا أن نحافظ على هذه المنظمة باعتبارها إنجازا جيوسياسيا واستراتيجيا كبيرا في خدمة السلام وتنمية شعوب الساحل. كما أنها حصن ضد الانغلاق على الذات وعودة الطائفية.
– لوفيغارو: هل ترون يد فاغنر وراء زعزعة استقرار منطقة الساحل؟
– محمد ولد الشيخ الغزواني: هناك ضجيج حول ذلك الوجود في مالي، ومع ذلك نسمع أيضًا الصوت الرسمي لمالي الذي يتحدث عن تعاون بشكل مباشر مع الدولة الروسية.
– لوفيغارو: تقع كل من تومبكتو وجاوو في قلب الحرب الدائرة بين الجماعات المسلحة وقد تسقطان قريباً. هل تخشون إنشاء إمارة في قلب الساحل؟
– محمد ولد الشيخ الغزواني: لقد شهد بالفعل شمال مالي وخاصة مدينتا جاوو وتمبكتو، في الأسابيع الماضية، وضعا أمنيا هشا. وبشكل عام فإن الوضع الحالي في الساحل ليس جيداً، بل هو سيئ للغاية. فجميع الدول بما فيها بلادنا تتعرض للضغط. ففي الوقت الذي تكثف فيه الجماعات الارهابية أنشطتها، تخلو المنطقة من تواجد قوات برخان الفرنسية و بعثة مينوسما الأممية.
– لوفيغارو: لقد تم التعبير عن مشاعر مناهضة بشدة لفرنسا في دول الساحل. كيف تفسرون ذلك؟
– محمد ولد الشيخ الغزواني: أسمع بادئ ذي بدء، نزعة شعبويةحادة لا تقتصر على أفريقيا، ولكن يتم التعبير عنها في كل مكان على هذا الكوكب. وتشهد هذه الشعبوية، التي لا يستطيع أحد السيطرة عليها، تضخيما إلى حد كبير عبر شبكات التواصل الاجتماعي. أما بالنسبة للمشاعر المعادية لفرنسا، ففي رأيي، بالمعنى الدقيق للكلمة، لا توجد مشاعر مناهضة لفرنسا. أفضل أن أتحدث عن سوء تفاهم مرحلي، كما هو الحال أحيانا بين الأصدقاء القدامى.
وأفسر ذلك بالانتظارات التي أعتبرها مفرطة لدى بعض السكان الأفارقة تجاه دولة صديقة تاريخيا. وبطبيعة الحال، فإن الماضي لا يمر دائما، ولكن في رأيي أن أفريقيا كانت تنتظر الكثير من فرنسا. ومن ثم، لنكن حذرين، هناك، في الوقت نفسه، استياء في الراي العام الأفريقي بشأن نوعية إدارة الشؤون العامة من حيث الحكم والديمقراطية في بلداننا. وبالتالي فإن الاحتجاج يستهدف متلقين اثنين. وأضيف أن هذا الشعور المزعوم “المعادي لفرنسا” لا يظهر في موريتانيا، لأن الاحترام والصداقة كانا دائما يحكمان العلاقات بين فرنسا وبلدي.
– لوفيغارو: كيف تواجه موريتانيا موجة الهجرة القادمة من أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى؟
– محمد ولد الشيخ الغزواني: لدينا نوعان من المهاجرين. فمن ناحية، أولئك الذين يصلون من أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى عن طريق البحر للالتحاق بأوروبا، عبر جزر الكناري. لقد تزايد عددهم وأثقل كاهل مواردنا المخصصة للمراقبة.
وهناك أيضًا لاجئون فارون من الهجمات في منطقة الساحل، وأغلبهم من الماليين، الذين يتدفقون إلى مخيم امبره في شرق موريتانيا، وأغلبهم لا يسعى إلى الهجرة نحو أوروبا. وقد تضاعف عددهم خلال عام واحد ليصل الآن أكثر من 100 ألف فرد. ولا توجد مدينة موريتانية مأهولة بهذا القدر من السكان، باستثناء انواكشوط. لقد كلفنا هؤلاء المهاجرون كلفة باهظة الثمن، وخاصة فيما يتعلق بالأمن، فكيف يمكننا التعرف على الارهابيين المحتملين بينهم؟
إن لدينا فيما يتعلق بالجانب الإنساني، مساعدات جديرة بالثناء، ولكنها غير كافية، من وكالات الأمم المتحدة. إن ظاهرة الهجرة التي من المحتمل أن تؤدي إلى زعزعة الاستقرار تقلقني كثيرًا..
– لوفيغارو: إن علاقات فرنسا مع كل من المغرب والجزائر صعبة، و تزداد تعقيدا بسبب قضية الصحراء الغربية. ما هو موقفكم من هذا الموضوع؟
– محمد ولد لشيخ الغزواني: لقد ظلت موريتانيا تقليديا، متمسكة دائما بموقف الحياد فيما يتعلق بهذه القضية. وقد حافظنا منذ 2019، على هذا الحياد -دون أن يعني ذلك عدم الاكتراث- مع جعله إيجابيًا. أما بالنسبة للعلاقات بين فرنسا والمغرب، فلم يطلب منا أحد أي شيء، علاوة على ذلك، كما أنه لا علم لنا بوجود خلاف بين هذين البلدين.
بل نعتقد أن ما يربطهما أقوى مما يمكن أن يفرقهما. كما أننا على استعداد دائمًا للعب دورنا كأصدقاء، لكنني أعتقد أن لا فرنسا و لا المغرب بحاجة إلينا للتحدث بعضهم لبعض. إنه بالرغم من وجود خلافات بين الدول الصديقة، فإن حكمة القادة قادرة بشكل دائم على حلها. وفيما يتعلق بموريتانيا فهي حلقة وصل بين العالم العربي وأفريقيا جنوب الصحراء الكبرى. إنها تبذل قصارى جهدها للجمع بين الإثنين.
– لوفيغارو: هل لا يزال لفرنسا مستقبل في أفريقيا؟
– محمد ولد الشيخ الغزواني: إنها الدولة الغربية التي تعرف أفريقيا أفضل من غيرها، والتي تربطها بها علاقة استثنائية. إن فرنسا لديها تاريخ مشترك مع أفريقيا، وبالتالي لها مستقبل. إن لدينا مع أوروبا بشكل عام وفرنسا بشكل خاص، ماضٍ مرتبط ليس فحسب، بل أن جغرافية وثقافة وحضارات عوالم البحر الأبيض المتوسط تجبرنا على مواجهة تحديات اليوم والغد معًا.
ومع ذلك، إذا كان لفرنسا مستقبل واضح في أفريقيا، فيجب أن يكون لأفريقيا مستقبل أيضًا في فرنسا وأوروبا والغرب. وهذا المستقبل مشترك ولا يجوز تصوره على حساب الآخرين، لا في هذا الاتجاه ولا في الآخر. ويتعين علينا أن نعيد بناء هذه العلاقة على أساس ما هو موجود بالفعل وإيجابي، وليس فقط على المستوى العسكري، حتى تكون النتيجة مربحة للجانبين. إن علينا معًا أن نتصدى للتحديات المرتبطة بتصاعد تيارات الكراهية في أوروبا وإفريقيا، والقضايا الأساسية مثل الهجرة والتعاون بين الشمال والجنوب، من أجل هيكلة استجابات مشتركة تتسم بالاحترام المتبادل والعدالة و”الإنصاف”.
– لوفيغارو: هل ستترشحون لإعادة انتخابكم في 2024؟
– محمد ولد الشيخ الغزواني: سأستجيب لإرادة الأغلبية والشعب.
– لوفيغارو: بمعنى أنكم ستترشحون ؟. محمد ولد الشيخ الغزواني: الأمر متروك لك لتأويله