الصوفي ولد الشين …مصاب جلل…؟../ د. شيخنا ولد حجبو

خسئ القاتل او القاتلون ،شاب نشأ مُستقيما ، ومر في تنشئته تلك ، بمدرسة البعث ،فنهل من منهجها وقيمها وتنور برؤيتها ،فكان عاليً الخلق ،وعاليً الحس الوطني ، واثقا من نفسه، مؤمنا بمبدئه ،مناضلا جسورا، يسعى بصدق ، إلى تحقيق اللحمة الإجتماعية بين مكونات شعبه الواحد،كما يراه ، مخلصا لقضيته ، كشاب ورجل موحدٍ .
قُتل بدم بارد ،في غفلة من رقابة الدولة ممثلة في فرع من قطاعاتها الامنية ، قطاع أمني اكتسب سيكلوجية القسوة ، نتيجة لتعامله الطويل مع المجرمين في سجن
دار النعيم ،_ او كما هو حاصل _ من خلال مسارات التحقيق ،وحسب النتائج المُتحصل عليها حتى الآن .
في علم الاجرام ،المُصاحب الدائم للمجرمين ،لا ينجو من احد أمرين ،او هما معا ، اولهما يصير مجرما إن طالت عشرته للمجرمين ،في اغلب حاله ،وثانيهما يصير قاسيا ،لا يعرف الرحمة ولا الرأفة ،إن كان عمله مرتبط بالتأديب للمجرمين ،وخاصة في السجون المكتظة بانواع المجرمين ،والتي تغيب فيها المقاربة الناجعة للإصلاح وإعادة التربية ،وهو مع الأسف ما تفتقده سجون بلدنا ،ويزداد الطين بلة عندما يكون المعني بالتأديب عديم الخبرة والتكوين في علوم الآجرام والعلوم الإنساية ذات الصلة بالمجرمين وبفلسفة الإصلاح عموما ،ولذلك تُغير المؤسسات السجنية ،ودور التربية موظفيها كلما طال بهم الاشراف على المجرمين والجانحين ، كي لا تُعطي فرصة لتراكم قيم القسوة فيهم وتنموا علاقات الزبونية بينهم والمجرمين ،فتتحول العلاقة بينهم إلى علاقة تعاون ورشوة وغيرها ،فيصير المؤدب مجرما محترفا ، ويصبح المجرم مؤدبا لغيره من المجرمين بإحترافية عالية ،وعندها تختلط القيم ،ويضيع الجميع وتغيب ،بشكل نهائي، فلسفة الاصلاح والتربية في المؤسسات السجنية، ومعاهد ومؤسسات إعادة التربية والتكوين المهني ،وبالنتيجة ، لا نستغرب ان يُقتل الصوفي او غير الصوفي ،لان القتلة مجرمون اصلا ، وهم مجرمون لا يفقهون _حتى _ حدود التأديب واسلوبه ، وكيف
يُراقب صاحبه نفسيته عند القيام به .
راح الصوفي ، وهم المستقيمُ ، الشهمُ ،النبيل رحمه الله ،ضحيةََ ،مقتولا، بايادي مجرمين بالإكتساب ، قبعُوا منذُ فترة في عالم الاجرام والجريمة ،فقست قلوبهم ،فتكونت عندهم قيم التحقير والنبذ، وتكدست
فيهم قيم الرشوة والإستثمار في الاجرام والمجرمين، فحلت المصلحة محل الواجب عندهم.
ومن البديهي ، هنا ان المجتمع كله يطالب بالتحقيق الشامل ،وتحديد الجناة بدقة ،واحالتهم للعدالة لتقول
كلمتها الفصل فيهم ،وتتخذ ما يترتب على ذلك من إجرائات .
الامر الثاني هو إعادة النظر في هيكلة قطاع الموظفين المعنيين بالمؤسسات السجنية ومؤسسات
اعادة التربية والإصلاح ، والقيام بإعادة تاهيل من منهم
يحتاج ذلك .
وأما الامر الثالث فهو اعتماد منهج متحرك للمؤدبين ،يمنع اطالة الخدمة في مؤسسة سجنية مدة طويلة من الزمن لتفادي تراكم القيم العلائقية
بينهم والمجرمين، فيحول المؤدبون إلى مؤسسات لا صلة لها بالإجرام
لعل ذلك يعيد تأهيلهم .
والامر الرابع هو تصنيف المجرمين انفسهم ، واسناد مهمة الاشراف علي الاكثر منهم خطورة ، لموظفين
عاليي التكوين في مجال كل العلوم ذات الصلة بالمجرمين ،كي لا يتحول المؤدبون إلى مجرمين، يقتلون من ليس مجرما ،كما حصل مع فقيدنا الصوفي ولد الشين ،تغمده الله بواسع رحمته، واخلف له شبابه
بالرحمة .
د / شيخنا حجبو

مقالات ذات صلة