وضع حجر اساس طريق تجكجه بومديد تأكيد من الرئيس على التشبث بتنمية الأرياف…/ بقلم : د. محمد الراظي بن صدفن
نحتفل هذا العام بمرور إثنين و ستين عاما على استقلال بلادنا وبسطها لكامل سيادتها على أراضيها، بعد التخلص من الاستعمار الذي حكم البلاد و العباد حوالي ستة عقود من الزمن.
وعلى الرغم من أهمية هذا الحدث ودلالته الرمزية بالنسبة لكل المواطنين على اختلاف مشاربهم وانتماءاتهم الثقافية والعرقية، فإن استقلال البلاد الاقتصادي ظل بعيد المنال، حيث لم تحقق السلط السياسية التي تعاقبت على تسيير الدولة أية إنجازات تذكر في هذا المجال، رغم وفرة الثروات الطبيعية التي حبا الله بها هذه المنطقة دون غيرها من مناطق الغرب الإفريقي.
وبتفصيل أكثر، فإن موريتانيا تتمتع بشواطئ بحرية تعد من أغنى بقاع العالم بالثروة السمكية، وتتوفر على الأراضي الزراعية الأكثر خصبا ووفرة في المياه هذا بالإضافة إلى الثروات المعدنية الأخرى، من الحديد والذهب والنحاس والنفط و الغاز التي تم اكتشافها مؤخرا بكميات معتبرة.
ويرى معظم المراقبين المهتمين بالشأن السياسي في موريتانيا أن ما يعانيه المواطن الموريتاني من تأخر عن ركب التنمية يعود في الأساس إلى الإخفاقات المتكررة للسياسات الاقتصادية المرتجلة وغير الواقعية والتي لم تأخذ بعين الاعتبار دراسة جدوائية المشاريع المنفذة وأهميتها في سياق الأولويات التنموية، كما يعود إلى غياب إشراك المستفيدين من هذه المشاريع في عملية إعدادها ومتابعة تنفيذها.
ونتيجة لذلك فقد عرفت الأوضاع الاقتصادية في البلد تدهورًا غير مسبوق أوصل نسبة 40 بالمائة من السكان إلى تحت خط الفقر سنة 2004م و نسبة البطالة في
صفوف الشباب إلى 30 بالمائة سنة 2008م، وبلغ الدين الخارجي 897 .2 مليار دولار سنة 2012م، واستمر العجز في الموازنة حتى وصل 2.9 من الناتج المحلي الإجمالي سنة 2012م.
وقد ألقت هذه الوضعية غير المواتية بظلالها على اقتصاد البلاد، الذي كان يعاني في الأصل من اختلالات هيكلية بنيوية، أنتجت ضعفا ملحوظا في الأنشطة الفلاحية بشقيها الزراعي و الرعوي وهو ما أسهم في إعاقة النمو، وقلل من فرص الإقلاع الاقتصادي بالسرعة المطلوبة.
ومن أهم الاختلالات التي عانى منها اقتصاد بلادنا انعدام سياسة حكامة جيدة
بالنسبة لقطاع الطاقة والمعادن وإفساح المجال فيه لشركات أجنبية هدفها تحقيق الربح لصالحها على حساب الوطن والمواطن.
و بالرغم من التحديات التي واجهت رئيس الجمهورية السيد محمد ولد الشيخ
الغزواني في السنوات الأولى من مأموريته بفعل هذه التركة الثقيلة، وبفعل تأثير أزمة كورونا التي أدت إلى انكماش الاقتصاد بنسبة 1.5 بالمائة، فإن ما تحقق من إنجازات حتى الآن، جعل الغالبية العظمي من الشعب تثق بتعهداته وتعول على وطنيته وتشكر حسن مسعاه.
ومن الواضح أن الموريتانيين يتشبثون اليوم أكثر من أي وقت مضي بنهجه ويتطلعون للاستفادة القصوى من برنامجه لإصلاح القطاعات الاجتماعية والذي يستوعب أكبر نسبة من الإنفاق الحكومي، إضافة إلى برنامج فك العزلة الذي يهدف لربط مناطق البلاد بعضها ببعض، و يسهل عملية تكاملها الاقتصادي فيما بينها.
ويعتبر وضع حجر الأساس لطريق تجكجة – القدية – بومديد من طرف رئيس الجمهورية السيد محمد ولد الشيخ الغزواني – من وجهة نظرنا- خطوة مهمة على طريق تحقيق التنمية في موريتانيا الأعماق ودعم الاندماج الاقتصادي بين ولاياتنا الداخلية، وهذا هو الضامن الأساسي لاستقلال اقتصاد البلاد ولتحقيق أمنها الغذائي، الذي هو جوهر أمنها القومي وأساسه الصلب الذي لا يمكن قيامه بدون تحقيقه.
فمتى تدرك نخبنا الفكرية و السياسية والاقتصادية هذه الحقيقة و تعمل على الانخراط في هذا المجهود الإصلاحي؟ وإلى متى يفضل البعض سياسة التجاهل وعدم الاكتراث بالمصالح العليا للوطن؟!