معطى مولانا: الاحتفاء بالنسخة الاولى من المهرجان الدولي للمديح النبوي
تشرفت الليلة البارحة بحضور الإحتفاء بالنسخة الأولى من المهرجان الدُّولي للمديح النبوي في قرية معطى مولانا المحروسة ، حيث كان الحضور كبيراً ومتميّزاً بجميع المقاييّس من جميع الدّول العربيّة والإفريقيّة والأوربيّة ومن كافة المُدن الموريتانيّة ، وقد تميّز المهرجان بدِقة النظام وقوّة السيطرة وفرض الأمن والأمان وتوفير الهدوء والسكينة مع الراحة والهدوء للمُشاركين ، ولأولِ وَهلَةٍ يُلاحظ القادم الهيبة والمهابة من خلال المُشرفين والمُنظمّين وعناصر الأمن المحلي بالزيّ المُوحد داخل وخارج المُخيّم الكبير الذي تم تشييده بطريقة فائقة الدّقة بمعايير فنيّة زُيّنت بمصابيح ولوحات رُسمت لتُشَكّل لوحة رسمها فنّان تشكيلي بذوقٍ روحانيّ مُتانسق يُضفي جمالاً آسِرا ويزيد المَنظر بريقاً ، أمام المنصة الرسميّة لكبار الضيوف …
مشهدٌ ربَانِيٌّ مَهيب تتجلى فيه المحبة العظيمة من خِلال اللوحات المُمجدة والأناشيد الدّينيّة والمديحيَّة المُعظمة والمُمجدة لنَبِيّنا وحبِيبِنا محمد صلى الله عليه وسلم ولشهر مولده المُعظّم …
وقد لفت انتباهي الفضولي بشدة ، ذلك الرجل الوقُور صاحب السُّبحة الطويلة والبَسمة العريضة والخُلق العظيم ، مدير المهرجان الدولي للمديح النبوّي ، لخَلفيّته العَسكريّة المَمزوجة بالقيّم الإسلاميّة ، تخرّج من مدرسة المشري للتربيّة الدينية والروحية والذهنيّة ، فتربىّ على الزُّهد في الدنيا بترك المَال العّام ، خدم وطَنَه بأمان وصمتٍ وحكمة ، شغَل السيد الفاضل ، الشريف المنيف احمدُ ولد محمد الكوري ، أعلى المَناصب السِياديّة ، وحاز أعلى المراتب والأوسمة العسكريّة ، ولمَّا تقاعد ، تعاقَد مع الله فنَذر بقيّة حياته لله عبادة وخدمة وفناءً ، عُرض عليه منصب رئيس مجلس إدارة ، فرفض بِداع التقاعد ، عَمل عسكرياً أصيلاً ، وتقاعَد نبيلاً وسَيبقى شهماً شريفا كريما ، أنجبته كِرامُ ، أدامه الله فَخراً وذُخراً للجميع ، فبمِثله نفخر ونفتخر !!!
بدأ المهرجان بتلاوة عَطِرة من الذكر الحكيم تلاها القارئ المميّز عبد الله ولد المشري ، بعد ذلك بدأت كلمات الترحيب نثرا وشعراً وبينهما أهازيج ومدائح تُقدمها الفرق الفنيّة التقليدية المتنوعة التي شاركت في المهرجان من جميع الولايات وعلى رأسها فرقة لگوارب للمديح التابعة للنائب السابق محمد ولد طيفور الذي بدا عليه الوقار والتقدم في السّن ورغم ولَعِه بالمديح لم يتمالك عن تقديمِها ، ولولا رأفة سيدي الحاج به لقدّم الكثير والكثير …
افتتح الأستاذ : النامي ولد صالحي المُحافظ الوطني للتراث مُمَثّلا لوزير الثقافة والشباب والرياضة والعلاقات مع البرلمان فعاليّات المهرجان الدولي للمديح بكلمة قيّمة شاملة كاملة وافيّة مانعة …
واستمر السّمر بالأهازيج والأناشيد والمدائح الدينيّة التي تُشنّف المسَامع وتطرب السّامع !!!
تميّز الحفل أيضا بالإعلان عن اسماء أكثر من مائة وستين من حفاظ كتاب الله العزيز من الأطفال الصغار ، لتَنتهي ليلة الإفتتاح بكلمة قَيِّمَة توجيهية شاملة كاملة مانعة وافية وشافية لفضيلة الشيخ المُربّي سيدي الحاج ولد محمد المشري يحث فيها الجميع على العِلم والتربية الدينية والروحيّة والأخلاقيّة والتمسك بالمبادئ الدينية ومحبة النبي صلى الله عليه وسلم والعض عليها بالنواجذ ، فمحبة النبي وحدها هي المُنجيّة من الفقر والأزمات الإقتصاديّة والمانعة من الأوبئة وهي النافعة في الدنيا والآخرة الى غير ذلك مما يطول ذكره ، وعلى تعريب المناهج المدرسية ، والسعي إلى وُجوب التحوّل من قرية تربويّة الى مدينة تربويّة بالجَدِّ والكدّ والمُثابرة والسَهر والمُواظبة والهِمّة العاليّة مع السعي الدؤوب هذا ما حضرني باختصار شديد …
سألت القادمين والخبراء في الإشراف على المهرجانات ، والإعلامييّن والمصوريّن الذين يحضرون التظاهرات الدوليّة بما فيها مهرجانات المُدن القديمة ، عن مُلاحظاتهم حول التنظيم ؟
فكان جوابهم جميعاً مُشرّفا يدعو للطمأنينة والارتياح ، دقةٌ في النظام ، وانسجامٌ في الذوق ، وكرم في الضيافة
وجمال في الروح ، فهنيئاً لسيدي الشيخ الحاج على التألق والنجاح في هذا المهرجان الدولي للمديح الأول من نوعه في المنطقة كلها ، ومن خِلالكم أهنأُ قرية معطى مولانا والمنسقية ورابطة الشباب على النجاح والتألق ، والتقدم والازدهار ، دمتم ودام عطاءكم ….
• ختاماً أشكركم على قراءة المُشاركة
المُتواضعة التاليّة :
بسم الله الرَّحمَن الرّحيم
الحَمد لله الحمد لله …
الحمد لله الّذي زيّن قُلوبَ أولِيائِه بأَنوار الوِفَاق ، وسَقى أَسرَار أحِبّائِه شَرابًا لَذيذ المَذاق ، وألزَمَ قُلوبَ الخَائفين الوجَل والإِشفَاق ، فَلا يَعلم الإنسان في أي الدواوين كُتب ولا في أيِّ الفَريقين يُساق ، فإن سامح فبفضله ، وإن عاقب فبعدلِه ، ولا اعتراض على الملك الخلاق …
والصلاة والسلام على سيد الأولين والآخِرين ، المبعوثُ رحمةً للعالمين ، أشرفُ الأنبياء والمرسلين وقائدِ الغُرّ المُحجلين وإمام المُتقين ، خيرُ من صام وقامَ وعَبَد الله من العالمين ، نبيِّنا مُحمد وعلى آله الطيبين الطاهرين وصحَابته الغُرّ المَيامين ، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين …
سيدي : الشيخ الحاج محمد المشري
عُلماءَنا الأَجِلاء ومشايخَنا الفُضلاء …
السيد النامي ولد صالحي المحافظ الوطني للتراث ، مُمَثِلا لوزير الثقافة والشباب والرياضة والعلاقات مع البرلمان …
السيد : محمدن ولد محمد دَيَّه عمدة بطلحايه …
القادة الأمنين …
أيها الحضور الكريم
يطيب لي أن أرحب بكم في حاضرة العِلم والعمل ، المدينة التربوية ، معطى مولانا واسطةُ العَقد في بلديتنا الجميلة ، ورائدةُ النهضة في منطقتنا ،
معطى مولانا ، ذلك المشروع الحضَاري الذي أسّسه الوليُّ العارفُ العالمُ العامِلُ ، سيدي الشيخ محمد المشري رضي الله عنه ، على أركانٍ مَكِينةٍ ، قِوامُها العِلم والعملُ ، فأنشأ المدرسةَ العصريّة بِمُحاذاة المحظرة الأصلية ، كي يتَسلح أبناءُ القريةِ بالعلوم العصرية – اللازمة للتطوّر ومُواكبة العصر –
جنبا إلى جنب مع العلوم الشرعية واللّغوية الحافظة للهوّية والضَرورية لأدَاء الأمانة ، فَأبَانَ ، رضي الله عنه ، بهذا عن هِمّةٍ عَاليّة وفِكرٍ ثاقِب وبصيرة نافذةٍ ، وذوقٍ رفيعٍ ، وفهمٍ عميقٍ لمُراد الله جل جلاله من خلقه ، قال تعالى :
“وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ” وقال جلّ من قائل “هُوَ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا ” وورد أن أكثر دعاء النبي صلى الله عليه وسلم كان الآية الكريمة “رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ ”
فكان هذا النموذجُ التربويُّ الفريدُ عنوانا لذلك المشروع الذي رأى النور منذ خمسةٍ وستّين سنة ، في ظروف قاسية حيثُ كانت البَداوة السِمَةَ الغَالبَةَ لسكان البلاد ، فَخَوَّلَ حَاضِرة معطى مولانا أن تَتَبوأَ الصَدَارة وتَجذِب الانتباه كصرح حضاري متميز يَأوي إليه كل الراغبين في الاستقرار والاستفادة من فوائد التَحضّر التي ليس أقلها شأنا صلاة الجماعة وصلاة الجمعة (وقد أقيمت في حاضرة معطى مولانا قبل الكثيرِ من المدن والتجمعات على المستوى الوطني).
وقد كان للشيخ محمد المشري منهجاً خاصا في التربية الرُّوحية والذهنية ، يُؤَشر عليه النموذج التالي من شعره رضي الله عنه ، حيث يقول :
ولــم نعتــمد إلا على اللـــه وحـــدَه
ولــم نتــخذ شيــخا نبِــيا ولا ربَّا
لأَنَّا عبيدُ الحق لا نعبد السِوَّى ومن
كان عبدُ الحَقّ لا يختشِي العُقبَى
ونرحـَــمُ كــُــلّ الخلق حـــُــــبا لربنا
ولا نختشي ليثا ولم نحتــقر كلبا
فإن جاءنا ذو اللــِّـينِ فاللِّــــينُ دأبُنا
وإن جاءنا صلبا يجد موقفا صلبا
ومن رام مِنّا أن نصـــيرَ لبَاطـــــــل
فقد رامَ أمرا مستحيلا لنا صــعبا ..
فعلى هذه المبادئ الواضحة ، التي تترجم عن إِباءٍ وجِدٍ وإخلاصٍ وشجاعةٍ وقوَّةٍ في الله لا تتزعزع ، رَبَّى سيّدي الشيخ محمد المشري أجيالا متميّزين في سلوكِهم ومستواهم العلمي واستعدادهم للبذل والتضحية لإعلاء كلمة الله وخدمة مجتمعهم ، بل خدمةَ المجتَمع البشري ككل ، وعلى رأسهم سيدي : الشيخ الحاج حفظه الله ورعاه ، فلا غرابة إِذًا أن تستقطِب المدينةُ التربويةُ اليومَ نُخَبا من أرجاء المعمورة ، يتعايشون في انسجام وسلام ، في نموذج نادرٍ من الايثار والتراحم ، يُصلح لأن يُحتذى به داخليا وخارجيا ، في عالم تتقاذفُه الأزمات وتنهشه الحروب ويعمه الظلم والجهل والأنانية ….
فهنيئا لمعطى مولانا حاضرةُ العلم والعمل ، وهي تُطفئُ شمعتها الخامسة والستين ، وهنيئا لنا بمعطى مولانا رائدةَ نهضتِنا وقائدةَ مسيرتِنا ، وإلى مزيد من الإنجازات والتطور والتقدم …
وأخيرا أتقدم بجزيل الشكر وعظيم الامتنان لوزارة الثقافة والشباب والرياضة والعلاقات مع البرلمان على ما قدموا من دعم مادي ومعنوي لإنجاح المهرجان الدولي للمديح النبوي ، ومن خِلالهم لرئيس الجمهورية صاحب الفخامة السيد : محمد ولد الشيخ الغزواني على دعمه الدائم للمحاظر والزوايا الصوفيًة ، كما أتمنى
لضيوفنا الكرام مُقاما هنيئا وعودة ميمونة ، وكل عام وأنتم بألف بخير
والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته …..
العمده:محمد سعيد ولد أجدود