رأي : رؤية اخرى للرد على “مكرون” وغيره…/ محمد ولد الراظي
نواكشوط 25 اكتوبر 2020 ( الهدهد .م .ص)
ردود الأفعال العقابية ينبغي أن تكون مدروسة بعناية وأن تصيب الآخر في مقاتله وأن لا تكون الأضرار الناتجة عنها أكبر من الفوائد المرجوة منها وأن لا تكون فعلا شعبويا طائشا.
ومن الأمثلة الحية على حسن الأداء في مثل هذه الحالات ما أقدمت عليه الدول الخليجية من وقف ضخ النفط لأسواق الدول الداعمة لإسرائيل عام 1973.
كانت الدول النفطية ساعتها تملك مخزونات ضخمة من مدخرات البترودولار وكانت الدول الداعمة للكيان الصهيوني في حالة حرب باردة مع معسكر شيوعي قوي للغاية ولم تكن ساعتها لتتحمل نقصا في الإمدادات النفطية لما سيترتب عن ذلك من ضعف في ماكينتها الإقتصادية والصناعية والمالية……فكان قرار الملك فيصل القرار الصائب في الوقت الصائب.
أما انتقاء الأحداث وتوظيفها لإستصدار فتاوي منفعلة و/أو غير مدروسة العواقب فإما أن يكون مثل صاحبها كمثل من استجار من الرمضاء بالنار أو أن يكون ذلك يدخل في جهد سياسي خاص ضمن ألاعيب الدول واستخدامها لأذرعها السياسية والحزبية ولوبياتها المتعددة الأسماء والعناوين.
إن الأخذ بأسباب القوة هو الرد الحقيقي علي الأعداء وبدل الحديث والدعوة لمقاطعة هذا المنتج أو ذاك علينا أن نقوم بحملة توعوية لتعليم شبابنا وترشيد أموالنا وإعادة بوصلة سياساتنا لتكون منتجا للقوة والوحدة ومعززة للإستقرار والتنمية.
علينا أن ننبذ العنف وأن نعيد لديننا صورته الناصعة أيام عزنا وقوتنا وأن نستفيد من تاريخنا لتجنب مهاوي الفرقة والتشرذم…….دخل المغول بغداد بسهولة وكان المسلمون ساعتها في نزاع شرس بين الحنابلة والشافعيين حول الجهر بالبسملة أو السر بها …..فتوقفت الصلاة في مساجد بغداد ….!!!!!!
اليوم كل منا في طريق – في أكثر الأحوال مرسوم من غيره- نخلق العداوة بيننا لأتفه الأسباب وإن قال أحد بمراجعة نص فقهي أو غربلة متن أو تصحيح فهم تقوم الدنيا من قوم آخرين لا يبخلون بأي وصف قدحي وهم في الغالب لا يعلمون كثيرا حول القضايا الخلافية المطلوب مراجعتها….
اليوم لم يعد عمل المرء هو طريقه للجنة بل تري القوم يتسابقون في تكفير هذا وذاك ويظنون أنهم كل ما زاد عدد الذين وصفوهم بالخروج عن الملة زادت حظوظهم في الرحمة!!!!!! نحن أمة تنهار من الداخل كل يوم وليست صيحات في فضاء افتراضي هي السبيل للأخذ بأسباب القوة…
كنا وقودا طائعين في مشروع تفجيرنا من الداخل فدمرنا العراق واليمن وسوريا وليبيا وفقدنا هيبتنا وخسرنا احترام العالم.
ضحك علينا العالم فسخرنا وقودا لحروب بينية كانت صيحاتنا الله أكبر ترافق طائرات ساركوزي وهي تدمر ليبيا فأسقطنا وقتلنا ببشاعة لا تتخيل أحد رؤسائنا الأكثر ثورية وضاعت دولة بكاملها. لنا أن نتخيل على سبيل المثال لا الحصر لو كان القذافي حيا وليبيا كما كانت هل كان بالإمكان لرئيس فرنسي أو مسؤول حكومي أن يجرؤا علي الإساءة للإسلام ؟ ما كان ذلك ليكون أبدا لأنه ببساطة لو أراد ذلك ستتراءى له مصالح بلاده مع دولة غنية على مرمي حجر منه وسيحسب ألف حساب لردة فعل قوية وسريعة من رئيسها الجسور……..
اليوم يطالب البعض بمقاطعة المنتجات الفرنسية ولم يتحمل أحدهم عناء معرفة حجم الميزان التجاري لبلادنا مع هذه الدولة وحجم عائدات المبيعات الفرنسية لبلادنا من الناتج القومي الخام للدولة الفرنسية !
وهل يعرف أحدهم طبيعة المنتجات المستوردة من هذه الدولة وأهميتها في حياة مواطنينا !
لا يبدو أنهم يعلمون والا ما كانوا طالبوا بما يضرهم ولا تأثير له علي الطرف الآخر ……
إن مقاتل الفرنسيين في هجر لغتهم والإنسحاب من فضاءاتهم الثقافية التي يعولون عليها كثيرا لمزاحمة كبار العالم وتعويض قصور لغتهم عن مجاراة لغات العالم المتقدم عليهم في الإقتصاد والمال.
أخشي أن تكون المطالبة بمقاطعة المنتجات الفرنسية جزءا من لعبة سياسية كما كانت المطالبة بمقاطعة الإمارات وشعبها العربي المسلم !!
إن الطريق الوحيد لإستعادة المسلمين لقوتهم وعزتهم هو في وحدتهم بسنتهم وشيعتهم وأباظيتهم وبكل عناوين تنوعهم في الملل والإجتهاد والرؤى…. وليس في كرنفالات شعبوية في الشارع أو في الفضاء الإفتراضي.
آن لنا معاشر المسلمين أن نفيق من هذه الكبوة العقلية والفكرية والثقافية.