افتتاحية …/ دفع المخاطر أولى من جلب المنافع…/ الشريف بونا
نواكشوط 10 أكتوبر2020 ( الهدهد.م .ص)
ظاهرة التصحر التي اجتاحت منذ اواخر ستينيات القرن الماضي البلد غيرت ملامح الارض بزحف الرمال عليها ، محولة بطاحا وأودية كانت مسار المياه في فصل الخريف الى كثبان رملية من شاهدها لم يتوقع أنها كانت يوما ما مجاري للمياه. .
ومع بداية النزوح الى المدن والتقري العشوائي شيد السكان قرى ومدنا في تلك المناطق غير محتاطين لقابل الأيام ولا يتوقعون في يوم من الأيام أن تتهاطل أمطار غزيرة وتحمل معها المنازل وتهددة حياة السكان, كما حدث لمدينة الطينطان سنة 1985 عندما اجتاحتها سيول ” العاكر” .
وفي سنة 1978 جرفت المياه منازل حي الصطارة بمدينة روصو وسببت خسائر مادية كبيرة تم إثرها نقل معظم سكان الحي من طرف الجيش الى الكلم 7، وجرف سيل عارم أحياء من مدينة أطار.
وفي خريف 2019 اجتاحت المياه مدينة سيلبابي وكانت الخسائر كبيرة ماديا وبشريا ، مما أدى إلى تدخل واسع من طرف السلطات العمومية لإنقاذ المواطنين وتطلب الأمر وضع خطة لإعادة إعمار المدينة من جديد بمخطط معماري حديث، لإبعاد المخاطر الناجمة عن المياه في فصل الخريف رفعا للضرر عن سكانها.
ومع بداية موسم الخريف الحالي بدأت المدن والقرى والأحياء المشيدة في مجاري المياه تتأثر من السيول التي تتدفق عبر مسالكها دون سابق انذار، كما حدث لمدينة باسكنو والفلانية وقطع المياه للطريق عن مركز عدل بكرو الإداري على مدى خمسة عشر يوما وقرى ومدن اخرى في
الحوضين ولعصابة وغيدماغه وكوركول واترارزة ولبراكنة وتكانت …الخ.
إن مواجهة هذا الخطر الذي يهدد حياة المواطنين ويعرض ممتلكاتهم للضياع تطلبت من السلطات العليا تعبئة وسائل مادية وبشرية وفنية معتبرة ، ترجمتها الزيارة التي قام بها صاحب الفخامة رئيس الجمهورية السيد محمد ولد الشيخ الغزواني لمركز عدل بكرو الإداري ومقاطعة باسكنو تضامنا مع السكان في محنتهم .
لاشك ان الوقت حان لمراجعة أوضاع المدن المشيدة في مجاري المياه واتخاذ جملة من الاجراءات الفنية الوقائية تتمثل في مسح شامل من طرف خبراء متخصصين بإمكانهم تحديد المواقع التي تشكل خطرا في فصل الخريف وترحيل السكان عنها ، والعمل على أن تحول تلك المدن والقرى إلى أماكن أكثر أمنا على السكان وممتلكاتهم.
فبذلك وبه وحده يمكن ان نحمي الأنفس والممتلكات من السيول الجارفة عبر الأودية وأن نقلص من استنزاف المال العام في الحملات لمواجهة الكوارث الطبعية التي تأتي من دون
ان تستأذن أو تضرب موعدا.