هل من الممكن خلق مناخ عقلاني يجمع بين الدولة والقبيلة فلا يطغى أحدهما على الآخر؟

 

يقول إبن خلدون أن القبيلة إذا قوي سلطانها، ضعف سلطان الدولة، وإذا قوي سلطان الدولة، ضعف سلطان القبيلة.
عمومًا جدلية القبيلة والدولة والعلاقة بينهما ليست بالجديدة سبق وأن خاض فيها الخائضون والمفكرون وأصحاب العقول قديمًا وحديثًا حتى يومنا هذا، منهم من قال أن القبيلة رأس كل خطيئة نافيًا دورها وفوائدها على الفرد والمجتمع، ومنهم من قال بدور القبيلة وكونها ليست منافية ولا معارضة لكيان الدولة، لكن قبل أن نغوص في الأعماق لنتعرف على دعائم كليهما.
إذ تقوم الدولة على فكرة المواطنة، حيث يكون الانتماء الأول للقانون والمؤسسات، لا للأشخاص ولا للأنساب، بينما تقوم القبيلة على القرابة والولاء التقليدي، حيث تُقدَّم رابطة الدم على رابطة الدولة، ومن هنا تنشأ العلاقة العكسية بينهما، وهذا يقودنا إلى ظاهرتين سياسيتين إما إبتلاع القبيلة للدولة أو إسقاط الدولة للقبيلة؛ إذا أبتلعت القبيلة الدولة ساد الفساد بشتى أنواعه فتنتشر الواسطة والمحسوبية فتضعف هيبة الدولة ويتزعزع كيانها ويميل الناس إلى التشكيك في العدل والمساواة فتظهر الجهوية والعصبية والحمية الجاهلية…. أما إذا أسقطت الدولة القبيلة حينها تظهر المواطنة ويسود العدل والإخاء ويشعر المواطنون أنهم سواسية أمام القضاء وأن من بطأ به عمله لم يسرع به نسبه.
بين هذا وذاك يبرز سؤال في الواجهة، هل من الممكن خلق مناخ عقلاني يجمع بين الدولة والقبيلة فلا يطغى أحدهما على الآخر؟
سؤال فلسفي بحت شغل الكثيرين حيث قال البعض بإستحالة الجمع بينهما معللًا بأن الدولة والقبيلة نقيضين أحدها يدعو إلى الإنغلاق (القبيلة) أما الدولة فتدعو إلى الإنفتاح على الآخر، فيما رأى البعض الآخر أن الفكرة الجوهرية تكمن في أن تتحول القبيلة من فاعل سياسي بديل إلى فاعل إجتماعي داعم وأن تبقى الدولة هي المرجعية العليا في القانون والحقوق والواجبات حينها فقط تنتقل القبيلة من عائق في وجه الدولة إلى كيان مجتمعي محفز.
إلى يومنا هذا مايزال هذا الجدل قائمًا فياترى هل يكمن الجمع بين الدولة والقبيلة أم أن لابد لأحدهما من القضاء على الآخر ؟؟؟
محمد المختار هدَّم

مقالات ذات صلة