
شذرات مضيئة من حياة الامام محمد محمود ولد محمد ولد صاليحي
سنتحدث في هذه الحلقة عن العالِم العلّامة، والحبر الفهّامة محمد محمود ولد صاليحي الثاني.
وُلد الإمام محمد محمود ولد محمد عبد الرحمن ولد باب أحمد ولد ببكر ولد صاليحي ولد الطالب احماد ولد بوكسه في مدينة تجكجة سنة 1910م.
وأما أمه فهي السيدة الفاضلة سليلة بيت السيادة والريادة: خديجة بنت عبد الحميد.
تلقّى العلم على يد والده، الذي انتصب للتدريس في محظرة الدويرة.
ولا بأس أن نعرّج قليلًا للحديث عن الشيخ محمد عبد الرحمن، فقد كان عالِمًا نحريرًا وتاجرًا غنيًّا منفقا ، وهذا ما جعله يتكفّل بإعاشة الأرامل واليتامى، ويدفع الدية عن العشيرة كلّما لزم الأمر.
وقد ذكر لي أستاذي أمين نسب الأشراف في موريتانيا، السيد سيد عبد الله ولد عمار ولد النمين، أنه اطّلع على قصيدة للعلامة محمد عبد الرحمن ولد محمد صالح العلوي يرثي فيها محمد عبد الرحمن ولد صاليحي.
وممّا ذكره ولد محمد صالح في رثائه:
“أن أدويرة من ضمن المتيّتمين بسبب رحيل هذا العَلم”
دنيا الكريم مآثرٌ محمودةٌ
ودنيا العاجز أحلامُ
العمر ما خلّدت من ذكراك
لا ما قوّست من ظهرك الأيامُ”
وبالعودة إلى حياة شيخنا ، فإنه كان في غنى عن التتلمذ على علماء المدينة، حيث انتقل من كفالة والده -الذي لم يُعمّر طويلًا- إلى كنف عمّه الإمام محمد محمود ولد صاليحي، فدرس عليه، وأخذ عنه ما تيسّر له من العلوم، فنهل من ذلك المعين الفيّاض.
وهل يُنبِتُ الخَطِيَّ إلا وشيجُهُ
وتُغرسُ إلا في منابتها النخلُ؟
ومع ذلك، فإنّ نفسه التوّاقة إلى المعالي، ونهمه للتشبع بالعلوم، جعلاه يسافر ضارِبًا بناقته في الأغوار، وبين الوهاد والأنجاد، ليلتحق بمحاظر أهل بوكسه، فأخذ ما عندهم.
وبعد ذلك، انتقل إلى محظرة الشيخ أبّاه ولد محمد لمين ولد محمد الهادي اللمتوني، شيخ أبّ ولد أخطور الجكني.
وقد أخبرني أستاذي سيد عبد الله ولد النمين أن مكتبة الإمام اشتملت على مخطوط خطته يمين الإمام في شرح مختصر خليل يسمى الفردوس ، لمؤلفه أبّاه ولد محمد لمين.
ثم انتقل بعد ذلك إلى محظرة أهل عَدّود ليدرس علوم العربية ودواوينها.
وقد ذكر لي أحد الباحثين أنه أجرى استقصاءً في الثمانينات حول علماء اللغة في تجكجة، فوجد أنه لم يَعُد يوجد من العلماء القادرين على تدريس ألفية ابن مالك إلا اثنان، هما:
• الإمام محمد محمود ولد صاليحي
• والشيخ محمد ولد الإمام ولد عبد القادر، الملقب بـ سيبويه.
كان هذا الرجل – أي الإمام – من أكثر الناس عفّة ووقارا، زرع الله محبته في القلوب، فكتب له القَبول في الأرض.
فإن أردت الحديث عنه، فعليك بصيغ التفضيل.
وبعد أن استكمل رحلته العلمية، اشتغل بالتجارة، حتى يتمكن من تحقيق الكفاف الذي يضمن له العيش الكريم، فلا يضطر لمدّ يده، أو يعتاش على دينه، أو يُخالط السلاطين.
وعندما زار الرئيس محمد خون ولد هيدالة مدينة تجكجة، سأل عن إمام المسجد، فأجابه أحد الشيوخ:
“إن فلانًا يَنْأى بنفسه عن مخالطة السلاطين”.
وقد عُرض عليه القضاء، فلما ألح عليه شقيقه بنه ولد صاليحي بتولي مهمة القضاء، أجابه بالحسانية:
“انتَ يا بَنّه، لاه ادربين فالـنّار!”
(أي: أنت يا بنّه، تريد أن تدخلني النار!)
وبعد أن توقّف عن الرحلات التي كان يقوم بها في إطار التجارة في السنغال، استقر به المقام في تجكجة، فانتصب للتدريس، وكانت محظرته من أكثر المحاظر روادًا.
وكان جلّ أبناء المدينة يدرسون عليه القرآن الكريم، دون أن يُلزِمهم بأي تعويض مادي، إنما كان يرجو الأجر من الله، ويبتغي الدار الآخرة.
وقد تخرّج على يديه بعض الفقهاء والحفاظ، ومن أشهر تلامذته:
• الإمام عبد العزيز سي
• باب ولد معط
• شيخن ولد الددي
• الطالب ولد هيدي
• الطالب ولد الناهي
وقد مدحه أحد تلامذته بقطعة من الشعر اللهجي، سنوردها في نهاية هذا البحث.
وبعد ان توفي الامام بوب ولد الطالب رحمه الله عهد اليه بالإمامة فقضي ما .يربو علي30 حجة اماما للمسجد العتيق
تزوج الامام محمد محمود ولد صاليحي من السيدة التقية السخية متته بنت
البشير ولد عمار ولد الحاج محمد فرزق منها الأخت الفاضلة خديجة بنت صاليحي
وبعدها تزوج السيدة العالمة صاحبة الأيادي البيضاء عائشة بنت الدح وأنجبت له ابنين هما المحامي محمدي ولد صاليحي وسيد محمد ولد صاليحي، لكنهما لم يعمرا طويلا نسأل الله ان يجمعهما في الفردوس الأعلى مع والديهما .
توفى رحمه الله عام 2004 م تاركا وراءه مكتبة من أغنى المكتبات
اشتملت على كنوز من المخطوطات النادرة وعلوما بثها في صدور الرجال .
للشيخ كرامات و مكاشفات نذكر منها
انه لما اشتد الجدب علي اهل تجكجة صلي بهم صلاة الاستسقاء فما
كادت الصلاة تنتهي حتي انهمر المطر في حادثة مشهورة لدي
الساكنة رحم الله الامام محمد محمود ولد محمد ولد صاليحي
واسكنه في الفردوس الأعلى من الجنة .
كتبه الفقير الي عفو ربه المصطفي السالك ولد محمد المختارولد صاليحي
الملقب ولد يرعاه.
