من صفحة هند بنت المهدي ولد الجيد
والدي وعمي وافتخر كنت معه الأيام الأخيرة من حياته لايفتر عن الذكر وقراءة القرآن وكلما جاء زائر ابتسم له وفرح به ومع ذلك لم يفقد ذاكرته حتى ان ودعته.
ودعتهُ ودُموع العين فائضةٌ
والنفسُّ جياشةٌ والقلب أواهُ
ورجوتُ عيني أن تكفّ دموعها
يومَ الوداعِ نشدتُها لاتدمعي
اغمضتُها كي لاتفيضَ فأمطرت
ايقنتُ أنّي لستُ املكُ مدمَعي
في خفظ الله وأمانه الى جناة النعيم
محفوظ ولد اجيد … عندما تغيب الشمسُ ظهرا .
من أتويمرة الحمرة لتامشكط فبومديد و منها لتجگجة كان الحي العلوي يجوب مفارز الصحراء و يمخر عباب المجابات الكبرى و لكل فلكٍ “منزله” ولد العارف بالله محفوظ ولد اجيد رضي الله عنه و عنا به في تلك الربوع و على عادة أترابه و أهل زمانه و بني مكانه، أخذ القرآن و العلوم الشرعية و التفاسير و المتون الفقهية و لغة العرب و أنسابهم و أيامهم و حملته همةُ الرجال و طموح الفتيان إلى الهجرة شمالا … فالموسم يومها موسمٌ للهجرة إلى الشمال.
من أكليميم و واد نون لواد درعا و بوجدور خرج
تاجرا ليستقر خمسينيات القرن الفارط بأطار و داخل أطار ساعتها هو داخل مصر:
ما يحشم و أمسيدُ مقيوم … و بلد تعدال أجميعت هم
فيه الدين و فيه العلوم … و السكر و أتاي و قلم
ولعرب بل العزم المعلوم … أهل الشر إيل طار الدم
و أهل أسيساح و سدوم … لأهل الهول المنهم جاء فم
نزل محفوظ على التلة الواقعة شرق رگ الحية و بنى بيته و مسجده و درَّس و قسم الترائك و فضَّ النزاعات و عقد الزيجات بل أصبح عنوانها:
ألا نائب ولَّ رئيس … ولَّ حاكم ولَّ والي
ولد اجيد يعقدني لو … إلخ
وضع الله له القبول و أحبه الناس و حكموه طائعين في أموره و نزلوا عند رأيه و أخذوا عنه العلوم و كان و لازال و سيظل ولد اجيد المنارة و الرباط.
كنت من طلابه و كثيرا ما كان يمازحني بأنني خليط خطير يجولي للمؤمنين باسُ في إشارة بديعة إلى إختلاف و تباين مجتمعي أصولي المباشرين و يدعو الله أن يجمع الله في ما تفرق في أسلافي و ظل على ذلك حتى إلتقيته أسبوعا واحد قبل أن يغادر الدنيا إلى دار التهاني قدس الله سره الكريم.
محفوظ ساتر لما بينه و بين الله من أحوال و إن كانت له بعض الرشائح تحار في فهمها العقول .
غابت شمسه ظهرا في الثامن و العشرین مايو 2013 و ترک فراغا لا يملأه غيره وجاهة و حصافة و علما و ورعا وزهدا و فتوة سقت قبره غوادي الرحمات.
الطالب جدو ولد تقر ولد محمد