كتب فضيلة الإمام / اباه ولد بداه

أن تقتحم عليك الشرطة بيتك دون مقدمات وأنت تستعد لإمامة الناس بالصلاة، وينظرون في كل غرفة دون مراعاة لحرمة، وكأنهم يدخلون بيت مجرم هارب من العدالة.
وبعد أن تخرج إليهم يخبرونك بأنهم أفراد من أمن الدولة وأن لديهم أمرا بإحضارك على جناح السرعة، فتخبرهم بكل رحابة صدر أنك جاهز للذهاب معهم لكن وقت الصلاة قد حان ، وأنك ستصلي بالناس وتذهب معهم، فيرفضون نظرا لصرامة الأوامر وخطورتها، وبعد أن تجادلهم ملحا في ضرورة انتظار أداء الصلاة، يوافقون على مضض ، ثم يدخل أحدهم معك من باب المحراب ويقف في الصف خلفك دون أن يصلي، (كما قال أحد من كانوا حوله)
وكأنه يخاف فرار قاتل خطير ،
وبعد أن تسلم من الصلاة وتقبل على المصلين بوجهك،
يتقدم إليك صبي في الرابعة من عمره ، يتخطى الصفوف ،ليجلس بين يدي أبيه كما هي عادته، فلايكاد يصل ، حتى يقف رجال الشرطة بكل عنجهية وكأنهم ليسوا في بيت الله، وكأن المطلوب ليس إماما يقف عند كلمته وقد أخبرهم بأنه جاهز للذهاب معهم
-“أيو أيو نحن عندن أوامر ”
فتخرج معهم قطعا للغط في المسجد ، وأنت تصرف بصرك عن ذلك الصبي المذهول.
ساعتها تسأل نفسك: أأنت في الجمهورية الإسلامية الموريتانية حقا؟؟!! .
لكن عندما تتيقن أنك لم تأكل مالا عاما ولا خاصا وأنك لم تعتد على أحد من المسلمين لا بلسانك ولايدك ،وأن ذنبك الوحيد هو كلمة حق قلتها، فعليك أن تحمد الله وتشكره .
عندما تقف لجنة مبتعثة من وزارة يفترض أنها وصية على المساجد لتتلو على المصلين بيان منعك من منبر لم تضعك عليه أصلا ، فيجيبها المصلون في غيابك، أنك أنت إمامهم ولايبغون بك بديلا فعليك أن تحمد الله.
عندما يطلب منك التعهد بعدم الحديث عن أمور ترى الحديث عنها واجبا لايقبل التورية فترفض رفضا قاطعا، فعليك أن تحمد الله ،
(وللأمانة فقد كان المفوض المحقق نبيلا ومحترما).
أن تضج صفحات التواصل بالتضامن معك في غيابك، لا خوفا منك ولاطمعا فيك، إنما نصرة للحق ودفاعا عنه فعليك أن تحمد الله،
أن يفرج عنك دون أن تتنازل عن قول الحق فعليك أن تحمد الله،
عندما يعج بيتك بالمسلمين المهنئين المتضامنين ممن تعرف ومن لا تعرف فعليك أن تحمد الله،
وعندما تنهمر عليك الرسائل الصوتية والاتصالات الهاتفية المحملة بالدعاء والتأييد من العلماء والدعاة وكبار السن من الرجال والنساء ناهيك عن غيرهم فإن عليك أن تحمد الله.
عندما تتأكد أن هذا كله ليس من كسبك ولا سعيك إنما هو محض فضل وستر من الله جل جلاله فإن عليك أن تحمد الله.
عندما يتضح لك أن غالبية أهل هذا البلد رغم ما يشاع فيه من فجور وفساد، مازالت تحب الحق وتنصر الحق وتقف مع الحق فإن عليك أن تحمد الله،
فالحمد لله والحمد لله والحمد لله .

مقالات ذات صلة