خسائر كبيرة في سوق الخليج
سجّلت أسواق المال في السعودية ودول الخليج الأخرى خسائر كبرى الاثنين، وذلك لليوم الثاني على التوالي، على خلفية انهيار أسعار النفط في خضم “حرب أسعار” بدأتها المملكة بعد اخفاق الدول النفطية في التوصل إلى اتفاق لمواصلة خفض الانتاج.
وأغلقت سوق المال السعودية “تداول”، الأكبر في المنطقة، بانخفاض 7,8%.
وتراجعت في بداية التعاملات قيمة سهم شركة أرامكو، عملاق النفط، بنسبة 10 بالمئة وهو مستوى قياسي، لتبلغ 27 ريالا. وعاد سهم أرامكو لتقليص خسائره الصباحية بنحو النصف عند الإغلاق.
وخسرت أرامكو الأحد والاثنين أكثر من 250 مليار دولار من قيمتها التي باتت تراوح عند 1,49 تريليون دولار، بعيدا عن مستوى تريليوني دولار الذي أصرّ عليه ولي العهد السعودي محمد بن سلمان قبل إدراج الشركة في السوق في كانون الأول/ديسمبر الماضي.
وكان سهم أرامكو هبط الأحد إلى ما دون سعر الطرح الرئيسي وهو 32 ريالا (8,5 دولارات)، لأول مرة منذ إدراج الشركة في البورصة في 11 كانون الأول/ديسمبر في أكبر عملية اكتتاب في التاريخ.
وسجّل مؤشر سوق دبي انخفاضا بنحو 8,3 بالمئة عند الإغلاق في أسوأ نسبة له منذ سبع سنوات، أما مؤشر سوق أبو ظبي فتراجع بنسبة 8,1% في أدنى معدل منذ 4 سنوات، وتراجعت بورصة قطر 9,7%.
وتراجعت بورصة الكويت بنسبة 10,3 بالمئة ما اضطر السلطات المالية إلى وقف التعاملات فيها لليوم الثاني على التوالي.
أما بورصة عمان فتراجعت بنحو 5,6%، وسجلت بورصة البحرين تراجعا ب 5,8%.
وجاءت الخسائر على وقع انهيار أسعار النفط التي تراجعت بأكثر من 20 بالمئة الاثنين، ما يشكّل ضربة موجعة لاقتصادات الخليج التي تعتمد على الخام كمصدر رئيسي لإيراداتها.
وتشهد موازنات دول المنطقة منذ 2014 عجزا متواصلا بسبب تراجع الأسعار.
وبلغ سعر برميل خام غرب تكساس 32 دولار منتصف النهار، وبرميل برنت 36 دولار. وبحسب وكالة بلومبرغ، فإنّ انهيار الأسعار هو الأكبر على مستوى العالم في يوم واحد منذ سنة 1991.
وكانت منظمة الدول المصدرة للنفط (اوبك) وروسيا، شريكتها الرئيسية ضمن تحالف “اوبك بلاس”، أخفقت في التوصل الجمعة إلى تفاهم بشأن خفض إضافي في انتاج الخام بغية وضع حد لتراجع أسعار النفط إلى أدنى مستوياتها منذ أربعة أعوام على خلفية انتشار فيروس كورونا المستجد.
– “مهما كلّف الأمر” –
واقترحت أوبك على موسكو وشركائها التسعة الآخرين خفضاً جماعياً إضافياً بـ1,5 مليون برميل يوميا حتى لا يؤدي انتشار الفيروس إلى تقويض ما تمّ التوصل إليه العام 2017 للحفاظ على أسعار مستقرّة في سوق تشهد فائضا في الانتاج، لكن روسيا رفضت ذلك.
وردّا على الموقف الروسي، أطلقت السعودية “حرب أسعار” السبت، فخفّضت أسعار النفط المطروح للبيع لديها إلى أدنى مستوياته خلال 20 عاما، في محاولة لتأمين حصّة كبيرة في السوق.
وخفّضت المملكة سعر بيع النفط الخام لشهر نيسان/ابريل لزبائن آسيا بنحو 6 دولارات للبرميل مقارنة بآذار/مارس، و7 دولارات للولايات المتحدة، وبين 6 إلى 8 دولارات لاوروبا الغربية ومنطقة البحر المتوسط حيث تبيع روسيا جزءا كبيرا من انتاجها النفطي.
وقال انس الحجي الخبير في شؤون النفط في الخليج والمقيم في تكساس إنّ “الرسالة التي يريدون توجيهها (السعودية) هي: مهما كلّف الأمر”، لكنه أشار إلى ان التعاون بين الدول النفطية قد يستعيد عافيته قبل اجتماعات اوبك المقرّرة في تموز/يوليو.
ومنذ مطلع 2017 تعهّدت دول “اوبك بلاس” بأن تخفّض الامدادات في السوق بمعدّل 1,2 مليون برميل يوميا بهدف رفع الاسعار. وفي كانون الأول/ديسمبر، زاد الكارتل العدد 500 ألف برميل يوميا.
لكن تدابير جديدة أكثر صرامة باتت ضرورية إذ تعاني الإيرادات النفطية خصوصا من تباطؤ سريع فرضه وباء كوفيد-19 على الاقتصاد الصيني، أول مستورد عالمي للنفط.
والاثنين، أعلنت الوكالة الدولية للطاقة أن الاستهلاك العالمي للنفط سيتراجع هذا العام، للمرة الأولى منذ عام 2009، على خلفية الانتشار الواسع لفيروس كورونا المستجد.
وفي تقريرها الأخير الذي لم تحتسب فيه حرب الأسعار، خفضت الوكالة توقعاتها للطلب الحالي على النفط ب 1,1 مليون برميل يوميا، في سيناريو أول، فيما يواصل الفيروس الانتشار في أنحاء العالم، ما يعني انخفاضاً سنوياً طفيفا بنحو 90 ألف برميل في اليوم، للمرة الأولى منذ 11 سنة.
وتستند هذه التوقعات على افتراض أن الصين ستتمكن من السيطرة على تفشي الفيروس بحلول نهاية الشهر، لا سيما وأن إجراءات العزل في أماكن أخرى في العالم لها أثر أقل على الطلب.