صحفي اجنبي يكتب : موريتانيا : ولد الغزواني يخرج من عباءة سلفه ويؤكد قوته
cristophe chatelot
نواكشوط 04 دجمبر 2019( الهدهد .م .ص)
” منذ توليه لمقاليد السلطة عمد الرئيس غزواني شيئا فشيئا و بهدوء تام إلى التحرر من ظلال سلفه عزيز
كان ملفتا للنظر ذلك المقعد الفارغ المغطى بالقماش الأحمر مثل غيره من عشرات المقاعد المنصوبة على المنصة الرسمية يوم الخميس 28 نوفمبر في مدينة اكجوجت وسط شمال البلاد استعدادا لتخليد احتفالات الذكرى التاسعة و الخمسين لعيد الإستقلال الوطني لموريتانيا .
على ذلك المقعد كان من المفروض أن يجلس محمد ولد عبد العزيز الذي بدا متضايقا في بدلته التي ظهر بها يوم واحد اغشت عشية تنصيب الرئيس غزواني و التي تم تجهيزها على عجل في تلك الليلة غاب عزيز عن المنصة الرسمية لحفل تخليد عيد الإستقلال في مدينة اكجوجت .
تسائل الموريتانيون كثيرا عن سبب عدم حضوره هل هي إشارة إلى عدم رضاه عن شيئ ما أم أن جهات معينة أوعزت إليه بشكل سري بعدم الحضور , فراغ كبير ملأه تنصيب رئيس المجلس الدستوري للرئيس الجديد محمد ولد الغزواني الذي بادر إلى إرساء جو من الحوار و التقارب مع المعارضة متوعدا بإعادة تثبيت أركان دولة القانون التي تقوضت أركانها سابقا .
نقلا عن مصدر خاص و مقرب من الرئيس غزواني بينت هذه المرحلة بشكل واضح ” نهاية بروباغندا الشائعات , غزواني هو الرئيس المسيطر ! و لم يكن يوما ميدفيديف موريتانيا لصالح بوتين مزعوم ” انتهى الإستشهاد , تلك الشائعات التي طرحت بقوة في الشارع الموريتاني و التي لم تكن وليدة الفترة الماضية بل منذ إعلان غزواني ترشحه لرئاسيات 2019 و التي ساهم في تغذيتها ما يعرف عن العلاقات الوطيدة بين الجنرالين طيلة خمسة عشر سنة مضت شهدت تنفيذ إنقلابين ناجحين يد بيد بين الرجلين .
غزواني الصامت الذي تولى عدة مسؤوليات في ظل المتوحش عزيز , من قيادة الأركان العامة للجيوش إلى وزير للدفاع , مسؤوليات مهمة و استراتيجية في هذا البلد المحاذي لدولة مالي و الذي تعرض لهجمات إرهابية عديدة في نهاية سنوات الألفية الأخيرة .
بالنسبة لجزء من المعارضة لم يكن غزواني يمثل سوى دمية يتحكم فيها الرئيس السابق نظرا للرسائل التي أرسلها في الأيام الأولى من حكمه .
غزواني المتجذر من عائلة مشيخة صوفية معروفة بالحكمة و التأني في الأمور حرص على عدم الاصطدام بسلفه خاصة عند أول تشكيل لفريقه الحكومي , لا مسح شامل للطاولة ! إنما خليط من عدد من الوجوه القديمة و الجديدة !
في تصريح سابق ل لوموند حرص غزواني على عدم الخروج عن نسقه المعهود مرسلا اشارات التهدئة و عدم التصعيد العلني ضد عزيز .
بحسب المصدر الخاص و المقرب من غزواني ” تجاهل عزيز أولى من إعطائه قيمة يحيى بها سياسيا باستمرار الحديث عنه ”
اسماعيل ولد الشيخ سيديا رئيس الوزراء صرح هو الآخر في قالب من الازدراء الواضح لحصيلة العشرية الماضية ” حصاد
المأموريتين الماضيتين لا يعنينا و لسنا في موقف دفاع ”
ليس سرا في الآونة الأخيرة كون الرئيس غزواني تحاشى في كل خرجاته الإعلامية الأخيرة التطرق بشكل ايجابي الى حصاد العشرية الماضية , العشرية التي يثني عليها كثيرا أنصار عزيز و يعتبرونها عشرية مجيدة , أنصار عزيز الذين بدا واضحا أن أعدادهم في تناقص مستمر كما بينت المحاولة الفاشلة للرئيس السابق عزيز للسيطرة على زمام الأمور في حزب السلطة upr .
بلا شك أن عزيز كان واثقا ربما من تبعية النواب 102 لحزب upr له , و الذين ساهم هو نفسه في إيصالهم إلى قبة البرلمان بالنسبة للكثيرين , لكن المفاجئة أن 88 منهم خرجوا عن توقعاته و أعلنوا في بيان مشترك ولائهم و مرجعيتهم للرئيس غزواني .
المعارضة هي الأخرى ساهمت في إفساد تقاعد عزيز السياسي بإعلانها عن تشكيل لجنة برلمانية للتحقيق في مصادر ثروة عزيز و أسرته , إلى حد اللحظة يبقى الأمر في سياق التهديد دون البدء في إجرائات عملية .
إشارة أخرى على تفكك عرى قوة عزيز , إقالة قائد الحرس الرئاسي المقرب منه و الذي كان يقود هذه الكتيبة التي تتمتع بتجهيز و تسليح تقليديين و قوة كبيرة في مجال التنصت و جمع المعلومات و التي نفذ عزيز من خلالها انقلابين ناجحين و التي شكلت على الدوام جيشا داخل الجيش العماد الرئيس للدولة الموريتانية
“إجراء كان يجب أن أقوم به منذ البداية ” تصريح الرئيس غزواني .
بسبب هذه الإقالة وجدت شائعات “محاولة انقلاب فاشل ” أرضا خصبة للإنتشار في بلد طالما تعود على الإنقلابات العسكرية , شائعات ارتأت قيادة أركان الجيوش ضرورة و أهمية تكذيبها كما لا شك أن وزير الدفاع كان يدرك ذلك تماما كما يدرك أيضا أن الخطر يمكن أن يأتي من جهة قيادة الدرك التي يقودها مقرب من الرئيس السابق أو من جهة قيادة القوات الجوية أو من جهة جهاز الشرطة الذي ينخره الفساد و الرشوة .
يحرص الرئيس غزواني على تثبيت أركان حكمه خطوة بخطوة , لكن عودة عزيز و ما صاحبها من تجاذبات قد تدفعه الى التخلي عن التأني و الهدوء الذين عرف بهما و تسريع وتيرة التغييرات في هرم السلطة . ”
حسين حمود
Housseine Hamoud Ismail