ركن من حياة الصحابة : شذرات من حياة سيد الشهداء حمزة بن عبد المنطلب

آخى رسول الله صلى الله عليه واله وسلم بين اصحابه فآخى بين نفسه وبين علي بن ابي طالب وآخى بين حمزة بن عبد المطلب وزيد بن حارثة وآخى بين ابا بكر وعمر وغيرهم قبل الهجرة.

وبعد الهجرة آخى بين المهاجرين والانصار كما جاء في سورة الحجرات اية 10، إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ. وتأكدت المؤاخاة في يوم الغدير لذلك يعتبر هذا اليوم يوم الاخوة والمؤاخاة.

روي في تفسير القمي في قوله: أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ، (الحج 39) قال: نزلت في علي وجعفر وحمزة. جاء في كتاب الشيعة في الميزان للشيخ محمد جواد مغنية: محمد المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم: أبوه: عبد الله، وجده لأبيه عبد المطلب، وأمه آمنة، وجده لأمه وهب. أعمامه تسعة: الحارث، والزبير، وأبو طالب، واسمه عبد مناف، وحمزة، والغيداق، وضرار، والمقوم، وأبو لهب واسمه عبد العزى، والعباس، وجميع أعمامه إخوة لأبيه من جهة الأب فقط، ما عدا أبا طالب فإنه أخ لأبيه من جهة الأب والأم.

وعندما وضعت قريش كرش بعير فوق رأس النبي صلى الله عليه وآله وسلم اشتكى عند عمه ابي طالب، فغضب ابو طالب على حال الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وصاح بأخيه حمزة ان يذهب لهؤلاء الأوباش ويضع على رؤوسهم كروش ومصارين البعران التي كانت تذبح عند الكعبة زمن الجاهلية كما فعلوا بابن أخيه محمد صلى الله عليه وآله وسلم، وقد فعل حمزة كما امره أخاه ابو طالب. ورد ان اللون الابيض هو الذي كان متسيدا زمن الرسول الاعظم صلى الله عليه وآله وسلم حيث كانت رايات المعارك بيضاء مثل لواء حمزة بن عبد المطلب رضوان الله عليه ولواء عبيدة بن الحارث ولواء أمير المؤمنين عليه السلام يوم خيبر، كذلك راية ولوائه يوم فتح مكة كانت بيضاء.

روى علي بن إبراهيم، عن اليقطيني، عن يونس، عن ابن أسباط، عن علي بن سالم، عن أبيه، عن ثابت بن أبي صفية قال: نظر علي ابن الحسين سيد العابدين صلوات الله عليه إلى عبيد الله بن عباس بن علي بن أبي طالب عليه السلام فاستعبر ثم قال: (ما من يوم أشد على رسول الله صلى الله عليه وآله من يوم أحد، قتل فيه عمه حمزة بن عبد المطلب أسد الله وأسد رسوله، وبعده يوم موته، قتل فيه ابن عمه جعفر بن أبي طالب. ثم قال عليه السلام: ولا يوم كيوم الحسين صلى الله عليه ازدلف إليه ثلاثون ألف رجل يزعمون أنهم من هذه الأمة، كل يتقرب إلى الله عز وجل بدمه، وهو بالله يذكرهم فلا يتعظون حتى قتلوه بغيا وظلما وعدوانا). وينقل علي بن الحسين عليهما السلام عن أبيه قال: (كانت فاطمة بنت النبي صلى الله عليه وآله كانت تزور قبر عمها حمزة كل جمعة فتصلى وتبكى عنده). لقب الشهيد حمزة بن عبد المطلب عمّ النبي الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم بسيّد الشهداء ثم أطلق اللقب على الإمام الحسين عليه السلام بعد استشهاده في واقعة عاشوراء. دفن رسول الله عمَّه حمزة في ثيابه بدمائه التي أصيب فيها، وردّاه النبي برداءٍ فقصر عن رجليه حيث حمزة كان طويل القامة، بنو هاشم كانوا معروفين بطول القامة، فدعا له بإذخر فطرحه عليه فكمّل الثوب بإذخر، وصلّى عليه. وعندما ولي عثمان الخلافة دخل عليه أبو سفيان، فقال: يا معشر بني أمية إن الخلافة صارت في تيم وعدي حتى طمعت فيها، وقد صارت إليكم فتلقفوها بينكم تلقف الصبي الكرة، فوالله ما من جنة ولا نار. وفي هذا العصر كان ما روي عنه: أنه مر بقبر حمزة، وضربه برجله وقال: يا أبا عمارة إن الامر الذي اجتلدنا عليه بالسيف أمس صار في يد غلماننا اليوم يتلعبون به.

عن حياة الشهيد حمزة بن عبد المطلب يقول الشيخ عبد الحافظ البغدادي: حمزة بن عبد المطلب أسد الله واسد رسوله وابناءه: يعلى وعمارة وعامر وفاطمة. ولد حمزة في مكة عام 55 قبل الهجرة أي يوم هجرته كان عمره 55 سنة. هناك روايات تفيد بأن ثويبة مولاة أبي لهب أرضعت النبي صلى الله عليه وآله وسلم وحمزة وجعفر كما يوجد كلام للنبي بأنّ حمزة اخوه من الرضاعة. لم يسلم أحد من بني هاشم من لسان ممن كتبوا التاريخ، خاصة من وقف موقفا مدافعا عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم مثل ابي طالب والد الامام علي عليهما السلام، وكذلك حمزة بن عبد المطلب سيد الشهداء كان يشارك في الحياة الاجتماعية مع سادة قومه في أنديتهم ومجتمعاتهم، ويهوى الصيد والقنص وكل أعمال البطولة والفروسية. كان حمزة رضي الله عنه ترباً لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وصديقاً له لذا كان محبا له.

وكانت بذور الإسلام موجودة في نفسه فان البيت الهاشمي بمعظمه بيت اعتقد بدين ابراهيم عليه السلام. ولم يشذ عن ذلك الا ابو لهب. من تاريخ حياته الشريفة، في شبابه شهد وهو ابن اثنين وعشرين عاماً حرب الفجار الثانية بين قومه قريش وحلفائهم وبين قيس وحلفائها، وكان النصر لقريش. اعلن حمزة إسلامه على إثر اعتداء ابي جهل على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقد كان عائداً من الصيد مرة وبلغه أن أبا جهل بن هشام المخزومي لقي النبي عند الكعبة فتعرض له بما يكره وسبّه سباً قبيحاً وآذاه،

فغضب وأقبل على أبي جهل بعد أن طاف بالبيت، اقبل امامه وهو يحمل قوسه فضربه على رأسه بقوسه فشجّه شجة منكرة، وقال: أتشتمه وأنا على دينه، أقول ما يقول، فاردد علي إن استطعت.

فسكت ابو جهل. ثم مضى حمزة  إلى رسول الله في دار الأرقم وأعلن إسلامه.

مقالات ذات صلة