تصريح رئيس الحكومة الإسبانية في زيارة تعميق العلاقات
السيد الرئيس، السيدات والسادة، أود في البداية أن أشكر رئيس الجمهورية الإسلامية الموريتانية، صديقي محمد ولد الشيخ الغزواني، على حفاوة الاستقبال في هذه الزيارة.
إنه لشرف لي أن أزور موريتانيا من جديد، هذا البلد الذي تربطنا به علاقات تاريخية عميقة من الصداقة وحسن الجوار والتعاون الطيب. إن هدفي وهدف حكومة إسبانيا من هذه الزيارة هو تعزيز علاقاتنا الثنائية التي تمر بفترة ممتازة كما تأكدت من خلال لقائي مع الرئيس غزواني. وأعتقد أن أفضل دليل على مناخ التفاهم بين بلدينا هو الإعلان المشترك الذي اعتمدناه، وهو وثيقة تغطي مجموعة واسعة من المسائل ذات الاهتمام المشترك، مثل تنمية الأعمال وتعزيز الأمن، وبطريقة خاصة جدا، الإدارة المشتركة والمنظمة لظاهرة الهجرة، من بين أمور أخرى. كما اتفقنا أيضًا على عقد أول اجتماع رفيع المستوى بين موريتانيا وإسبانيا، زويتاوسيندين، في عام 2025، هنا في موريتانيا، والذي سيكون فرصة جديدة لتكثيف علاقاتنا الثنائية.
وكما قلت، فإن إحدى القضايا التي تناولناها هي كيفية الإدارة المشتركة لقضية معقدة تؤثر على البلدين بطريقة كبيرة مثل الهجرة. وأود هنا اليوم أن أذكّر برسالة سبق لي أن أعربت عنها مرارًا وتكرارًا في بلدي، في إسبانيا، وهي أنه حتى وقت ليس ببعيد، كانت إسبانيا أيضًا بلدًا للمهاجرين. ففي أوقات صعبة جدًّا كان العديد من مواطنينا الإسبان يبحثون في الخارج عن وجهة، وكانوا يطمحون إلى حياة أفضل، تمامًا كما يطمح الناس الآن إلى حياة أفضل، والتي تنطوي في العديد من الحالات على مخاطر جدّية، مخاطر كبيرة، ويخوضون مغامرة خطيرة. وبالتالي فإن ظاهرة الهجرة بالنسبة لنا هي مسألة مبادئ أخلاقية وتضامن وكرامة. وهي أيضا مسألة عقلانية محضة، لأن مساهمة العمال المهاجرين في اقتصادنا أمر أساسي، كما هو الحال بالنسبة لدعم الضمان الاجتماعي ونظامنا العام للمعاشات التقاعدية.
وبالتالي، فإن الهجرة بالنسبة لإسبانيا هي الثروة والتنمية والازدهار. وعلى الرغم من الخطاب الذي بدأ للأسف يتزايد حضوره في أوروبا، فإن الهجرة ليست مشكلة، بل هي ضرورة تنطوي على مشاكل معينة. لذلك ينبغي علينا أن نشجع الصيغ التي تسمح لنا بإدارة ظاهرة الهجرة بطريقة إنسانية وآمنة ومنظمة لصالح مجتمعاتنا. وبالتالي ينبغي علينا أن نحارب المافيات التي تتاجر بالبشر وتقامر بأرواح البشر، لأن أول ضحايا الهجرة غير الشرعية هم المهاجرون أنفسهم. وأعتقد أن هذا الأمر يتطلب مقاربة شاملة تأخذ بعين الاعتبار جميع العوامل التي تؤثر على الهجرة وتعزز التعاون بين البلدان المعنية.
وهذه هي روح الاتفاقات التي سنوقعها اليوم. أولاً، ما سنقوم به هو التوقيع على مذكرة تفاهم لتطوير نموذج الهجرة المنتظمة، وبالتالي الدائرية، وهي صيغة سبق لإسبانيا أن طورتها بنجاح في بلدان مختلفة وهي أداة جيدة لإدارة تدفق المهاجرين بطريقة منظمة وقانونية. إلى جانب مذكرة التفاهم الأولى هذه، ثانيا، واستكمالا لما سبق، سنقوم بالتوقيع على إعلان لتعزيز تعاوننا في مجال الأمن ومكافحة الجريمة المنظمة. وفي هذا الصدد، أود أن أشكر علنا حكومة موريتانيا ورئيسها على الجهود التي تبذلها لمكافحة الهجرة غير الشرعية، وكذلك التعاون في مجال مكافحة شبكات الاتجار بالبشر. ولدينا التزام راسخ وعزم أكيد على مواصلة العمل معا لمكافحة المنظمات التي تقوم بأنشطة إجرامية، مستغلة الظروف الرهيبة وحالة اليأس التي يعيشها أولئك الذين يلجأون إلى الهجرة غير النظامية.
وأخيرا، أعتقد أنه من المثير للاهتمام أننا سنقدم رسميا مجلس أعمال موريتاني إسباني. وأنا على قناعة بأن هذا المجلس سيعمل على زيادة العلاقات الاقتصادية والتجارية بين البلدين بشكل كبير، كما أنه سيتيح فرصا جديدة لكلا البلدين، وخاصة للمؤسسات الاقتصادية والتجارية التي تعمل في منطقة عزيزة جدا على إسبانيا، وقريبة جدا من موريتانيا، مثل جزر الكناري. وأخيرا، وكما قلت للرئيس، سنعمل أيضا على تعزيز تعاوننا في المجال الثقافي. وفي هذا الصدد، أود أن أعلن أن معهد سرفانتس سيبدأ في تقديم أنشطته في موريتانيا قريبا جدا، في الخريف المقبل، وستكون هذه الخطوة الأولى نحو تأسيسه في موريتانيا. وأود أن أختتم بالتشديد على أهمية القارة الأفريقية بالنسبة لإسبانيا، وبالنسبة لأوروبا، وخاصة بالنسبة لنا، بسبب قربنا الجغرافي، ولكن أيضا بسبب قربنا الثقافي ومصالحنا المشتركة.
لقد كانت أفريقيا دائما وستظل أولوية للسياسة الخارجية الإسبانية. وانطلاقا من هذه الفرضية، نحن بصدد وضع استراتيجية جديدة ستتوج بتنفيذ 100 إجراء، 100 مبادرة ستشمل الأهداف الرئيسية لعملنا الخارجي، العمل الخارجي الإسباني في أفريقيا. وبالإضافة إلى ذلك، سنواصل العمل داخل الاتحاد الأوروبي من أجل تعزيز الوفاء بالاتفاقيات التي أعلنا عنها في فبراير الماضي، عندما زرت موريتانيا مع رئيسة المفوضية الأوروبية، مع أورسولا فون دير لاين، والتي، منطقيا، أخذنا على عاتقنا هذه الالتزامات مع الحكومة والحكومة الإسبانية, لقد تعهدنا بهذه الالتزامات مع الحكومة والرئيس الموريتاني وفي منظمات دولية أخرى، مثل حلف شمال الأطلسي، للتقريب بين قارتينا ومواجهة التحديات المشتركة بشكل مشترك، وفي هذا السياق، ستساهم إسبانيا بنصف مليون يورو في مبادرة التدريب في مجال الدفاع والأمن في موريتانيا. وباختصار، أود أن أختتم كلمتي بالقول إنني أؤمن إيمانا راسخا بأن التطور المتنامي لعلاقاتنا مع موريتانيا، الذي سنعطي له زخما جديدا اليوم، هو أساس مهم يمكن أن نطور عليه سياستنا الخارجية برمتها.
لذا شكراً جزيلاً لك.