بحثا عن حياة كريمة وغد أفضل
لا شك أن الإدارة الموريتانية تعاني من إختلالات تراكمية عميقة لم يتم التغلب عليها بعد مثل سوء التسيير و التدبير و التقليل من شأن العنصر البشري الكفؤ و تبعات التوظيف و التعيين الخاطئ غير مستحق ،
في ظل غياب تبني سياسات تشغيل ناجعة و إرساء عدالة إجتماعية
مما شكل صيروريا عائقا و عقبة أمام ولوج أصحاب الكفاءات و التخصصات و المؤهلات و الخبرة للوظائف العمومية أو التدرج إلي المناصب العليا بشكل انسيابي يراعي معايير إدارية شفافة علي غرار الأقدمية و الكفاءة و الخبرة و النزاهة و الإستقامة و اختيار الرجل المناسب في المكان المناسب حسب التخصص أو المردودية في العمل ….الخ
مما كان له الأثر السلبي الكبير علي ضعف أداء الإدارة و تردي الأوضاع و تعطيل الخدمة .
و بالتالي انتشار و اتساع الفساد في كل الإتجاهات .
لدرجة أن المواطن فقد الثقة في الإدارة .
ذلك ما أكده رئيس الجمهورية نفسه السيد محمد ولد الشيخ الغزواني في مستهل كلامه أنذاك خلال حفل تخرج دفعة من طلاب المدرسة الوطنية للإدارة
حيث قال بالحرف الواحد : – إن الرئاسة تصلها أسبوعيا كم كبير من الرسائل التي تتضمن مشاكل المواطنين .
مضيفا أن الكثير من هذه المشاكل يمكن حلها بشكل سريع لو كانت الإدارة تقوم بعملها علي النحو المطلوب .
منتقدا غياب الإدارة في جميع القطاعات الوزارية المعنية باستقبال المواطن و تقريب الخدمة منه .
صحيح ان ممارسات من قبيل المحسوبية و الزبونية و التحيز و المحاباة السياسية مافتئت تخلق تضاربا في المصالح و تكافؤ الفرص داخل المجتمع و تقوض بناء الديمقراطية و تقلص مجال دولة القانون و المؤسسات.
وضع لم يكن وليد اللحظة بقدر ماهو امتداد سيئ و واقع أملته ظروف السياسة و الديمقراطية حينها .
أسس لمرحلة جديدة من الخروج علي القيم و الثوابت و إشاعة ثقافة التملق و النفاق السياسي و الإداري و الكذب و التضليل و التودد للمسؤول الأول و التقرب منه و تقليص المسافة لتحديد درجات الولاء و الطاعة و الإنبطاح كمعيار للحصول علي منصب أو ترقيات أو تعويضات أو إمتيازات ،
مما ساهم في حالات التفاوت و الغبن و التهميش والظلم داخل الوسط العمالي من خلال التمادي في خرق القانون و انتهاك الإجراءات الإدارية علي مستوي إدارات المصادر البشرية ،
و بالتالي الوقوع في مغالطات سخيفة دون التقيد بضوابط قانونية إدارية نتيجة إستغلال النفوذ و الإرتجالية في اتخاذ القرارات .
بالإضافة إلي إرضاء أصحاب النفوذ داخل الدولة العميقة و التقرب منهم و تعيين أقاربهم بطرق طبعتها الإنتقائية و الزبونية دون الخضوع لمعايير إدارية شفافة مما كان له الأثر الكبير علي مستوي ضعف الأداء و المردودية .
فمعظم الإدارات الموريتانية تدار بالمزاج !
ممارسات كرست لمفاهيم مغلوطة كترسيخ البعد القبلي و الجهوي و المحاباة و الزبونية
بحكم إعتماد الأنظمة السياسية السابقة علي رجال الأعيان و النافذين في المجتمع من أجل ضمان المقعد الإنتخابي علي حساب عامل الولاء الوطني .
مما قوض مفهوم الدولة و أعاق تنمية البلاد في كل المجالات .
و ضع تعزز لاحقا بإستمرار تدوير و ترقية المفسدين و الإفلات من المساءلة و العقاب .
إضافة إلي اتساع دائرة الإحتكار الأسري و العائلي و القبلي للحقائب الوزارية منذ الإستقلال إلي يومنا هذا .
لعله الإستثناء الوحيد الغريب في العالم .
في انتظار أن يجد المواطن البسيط ذاته في تشكيلات حكومية قادمة من بوابة الكفاءة و الخبرة .
أو ولوج الشباب للوظائف و المناصب العليا وصولا إلي مصادر القرار دون المرور بالطرق الملتوية المعهودة أو ضرورة إتقان أبجديات السياسة التقليدية الكاذبة .
لكن الواقع الإداري لدينا يكشف أن الحسم في التعيين يتم عادة و في أغلب الأحيان وفق الرغبة الذاتية للهرمية الإدارية ممثلة في شخص المسؤول الأول الذي له الصلاحية الكاملة و المطلقة لتعيين الشخص الذي يراه مناسبا للمنصب الشاغر أو المناصب التي يراد خلقها ، دون مراعاة مصلحة القطاع .
و هذه الرغبة عادة ما تحددها إعتبارات بدل معايير ترتبط بتقييمات ذاتية تستند إلي ولاءات شخصية أو فئوية .
في حين يجمع كل المراقبين للشأن الوطني أن الوضع الراهن للعمال غير الدائمين في مختلف قطاعات الدولة و داخل كبريات المؤسسات العمومية الخدمية و غيرها
ماهو إلا مظهر من مظاهر الفشل الإداري و سوء التدبير و نتيجة حتمية لتداعيات السياسات الخاطئة المتبعة في الإكتتاب و الترسيم و مآلات سوء التسيير
في انتظار حلول سحرية من حكومة مأمورية الشباب الصاعدة من خلال ضبط الأمور و التغلب علي الإختلالات الحاصلة في الإدارة و إرساء سياسات تشغيل ناجعة و عادلة لها القابلية علي تصحيح وضعية العمال غير دائمين ضحايا الوعود الكاذبة و إمتصاص أكبر كم من البطالة و تمكين الشباب من الولوج إلي العمل و إلي مصادر القرار .
والحد من الهجرة خارج الديار بحثا عن حياة كريمة و غد أفضل .
حفظ الله موريتانيا
اباي ولد اداعة .