مفوض حقوق الإنسان : تخليد اليوم العالمي لحقوق الانسان يتزامن مع توجه جديد للدفع بها إلى الامام

أوضح معالي مفوض حقوق الإنسان والعمل الإنساني والعلاقات مع المجتمع المدني، السيد حسنه ولد بوخريص، أن حالة حقوق الإنسان في بلادنا عرفت خلال العام الحالي نقلة نوعية في مجال ترقية وحماية الحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية، تعززت معها مكانة موريتانيا بين مَصافِّ الأمم السّاعِيَةِ بجدية إلى بناء دولة القانون والمؤسسات وترسيخ الديموقراطية وحقوق الإنسان.

وأكد في خطاب ألقاه اليوم الأربعاء بمناسبة اليوم العالمي لحقوق الإنسان الذي يصادف ال 10 من شهر دجمبر من كل سنة، أن بلادنا عاقدة العزم، عبر مختلف برامجها واستراتيجياتها التنموية، على تعزيز وحماية حقوق الإنسان بالتعاون مع كافة شركاءها، داعيا جميع الفاعلين الوطنيين وشركاءنا في التنمية إلى المساهمة الفعالة في هذا التوجه الذي يعطي لحقوق الإنسان العناية والرعاية اللائقتين.

وهذا نص الخطاب:

“بسم الله الرحمــــــن الرحيم

وصلى الله على نبيه الكريم

أيها السادة والسيدات،

تخلِّد بلادنا غدا على غرار المنظومة الدولية، اليوم العالمي لحقوق الإنسان الموافق للعاشر من ديسمبر من كل عام. وهي مناسبة لتجديد التمسك بما ورد في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الصادر يوم 10 ديسمبر 1948، الذي يشكل وثيقة تاريخية أعلنت حقوقا غير قابلة للتصرف حيث يحق لكل شخص أن يتمتع بها كإنسان بغض النظر عن العرق أو اللون أو الدين أو الجنس أو اللغة أو أو أي وضع آخر.

ويخلد اليوم العالمي هذه السنة تحت شعار ” إعادة البناء بشكل أفضل – قوموا ودافعوا عن حقوق الإنسان”.

أيها السادة والسيدات،

شَهِدَ العالم هذه السنة تحديا كونيا كبيرا تمثل في جائحة كوفيد-19 التي مازلنا نعيش موجاتها وتداعياتها المتتابعة، أَثَّرَتْ بشكل كبير على أنماط التعايش المعتاد وقَلَبَتْ المفاهيم والمّسلمات، فارِضَةً بذلك تحدّيات كبرى وَقَفَتْ عائقا في وجه تحقيق وضمان العيش الكريم وصيانة كرامة الإنسان وحقوقه.

وقد كانت بلادنا سباقة في اتخاذ الإجراءات الوقائية مبكرا، حيث تم وضع خطة للتصدي اعتبارًا من 25 مارس 2020، مما خفف من وطئ الجائحة على بلادنا.

ولمواجهة التحديات الجديدة الناجمة عن الوضع الاقتصادي والاجتماعي للبلاد جَرّاءَ الجائحة، أعادت الحكومة النظر في أولوياتها، وقامت بإطلاق ثلاثة برامج رئيسية هي: برنامج الأولويات والبرنامج الرعوي الخاص وخطة التضامن الوطني والتصدي لجائحة كوفيد 19.

أيها السادة والسيدات،

بالرغم من هذه الصعوبات، عرفت حالة حقوق الإنسان في بلادنا خلال العام الحالي نقلة نوعية في مجال ترقية وحماية الحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية، تعززت معها مكانة موريتانيا بين مَصافِّ الأمم السّاعِيَةِ بجدية إلى بناء دولة القانون والمؤسسات وترسيخ الديموقراطية وحقوق الإنسان.

وفي هذا السياق، شهد الإطار القانوني لترقية وحماية حقوق الإنسان تطورا كميا ونوعيا من خلال المصادقة على نصوص تشريعية عززت حماية الحقوق، من ضمنها:

• القانون 2020-016 المتعلق بتنظيم مهنة المحاماة؛

• القانون 2020-007 المتعلق بحماية المستهلك؛

• قانون تجريم التلاعب بالمعلومات؛

• القانون 2020-017 المتعلق بالوقاية من الاتجار بالأشخاص وتجريمه وحماية الضحايا ؛

• القانون 2020-018 المتعلق بمحاربة تهريب المهاجرين.

كما توجد قوانين أخرى في طور المصادقة، من ضمنها مشروع القانون المنظم للجمعيات والمؤسسات والشبكات ومشروع القانون المتعلق بمحاربة العنف ضد النساء والفتيات.

كما عرف الإطار المؤسسي لحقوق الإنسان تطورا مهما تمثل بإنشاء لجنة وزارية لحقوق الإنسان وصدور المرسوم المنشئ للمرصد الوطني لحقوق المرأة والفتاة، وتم تجديد مأمورية أعضاء الآلية الوطنية للوقاية من التعذيب، ويجري العمل حاليا على إنشاء هيئة وطنية لتنسيق محاربة الاتجار بالبشر وتهريب المهاجرين.

أيها السادة و السيدات،

في مجال ترقية الحقوق المدنية والسياسية، تم تعديل مدونة الإجراءات الجنائية ومدونة الإجراءات المدنية والتجارية والإدارية من أجل تعزيز حماية حقوق الإنسان من خلال إلغاء الإكراه البدني في الشؤون المدنية وتحديدها في الجانب الجنائي.

أيها السادة والسيدات،

في إطار تعزيز الحقوق الاقتصادية والاجتماعية، أطلقت الحكومة في يناير 2020 برنامجًا اجتماعيًا طموحًا يسمى (أولوياتي)، يحتوي على أكبر عدد من المشاريع المتزامنة في تاريخ البلد. ويهدف هذا البرنامج الممول من طرف الدولة، من بين أمور أخرى، إلى رفع القوة الشرائية للمواطنين وتحسين الولوج للخدمات الأساسية وخلق فرص العمل. وقد استفاد منه ما يقارب مليوني شخص، كما ساعد على خلق أكثر من 6000 وظيفة مؤقتة أو دائمة، بِتَكْلُفَةٍ إجمالية تزيد على 4.1 مليار أوقية.

وفي إطار السعي الدؤوب إلى تحسين ظروف حياة المواطنين وخاصة الفئات الهشة وكذلك من أجل النهوض بِقِطاعَيْ الصحة والتعليم أعلن فخامة رئيس الجمهورية في خطابه الموجه إلى الأمة بمناسبة الذكرى الستين لعيد الاستقلال الوطني المَجِيِدْ عن10 قرارات هامة تمس الأوضاع المعيشية للمعلمين وعمال الصحة وبعض الفئات الهشة من المجتمع كالمتقاعدين وأراملهم ومرضى الفشل الكلوي وذوي الاحتياجات الخاصة والأطفال متعددي الإعاقات.

وتعكس هذه القرارات بشكل واضح الأهمية التي توليها السلطات العليا لترقية التعليم والصحة ولتقليص الفوارق الاجتماعية والغبن والتفاوت بين فئات المجتمع.

أيها السادة والسيدات،

شكلت محاربة الاتجار بالبشر أولوية وطنية لدى الحكومة خلال هذا العام، حيث صادقت الحكومة على القانون 2020-017 يتعلق بمنع ومعاقبة الاتجار بالأشخاص وحماية الضحايا. كما تمت المصادقة على خطة العمل الوطنية لمكافحة الاتجار بالأشخاص (PANTP 2020-2022) التي أعدتها المفوضية والتي تعتبر استجابة كافية لجميع الجوانب المتعلقة بمشكلة الاتجار، بالتركيز على الوقاية والحماية والمتابعة الجنائية وتعزيز الشراكة والتعاون في هذا المجال. تهدف خطة عمل المذكورة بشكل أساسي إلى تزويد الحكومة بأداة تخطيط متكاملة تمكن بلادنا من مكافحة هذه الآفة بشكل فعال ومستدام.

وستعمل الحكومة خلال السنوات القادمة مع شركاءها على تنفيذ هذه الخطة بما تتضمنه من إجراءات وبرامج تهدف إلى القضاء كليا على الاتجار بالبشر.

أيها السادة والسيدات،

لعل من أهم المكتسبات في مجال حقوق الانسان خلال العام الحالي هو إعادة تصنيف بلادِنا في المستوى الثاني في التقرير الدولي لمحاربة الاتجار بالبشر الذي تعده الخارجية الأمريكية سنويا. يذكر أن بلادنا ظلت تصنف منذ سبع سنوات في أدنى المستويات في هذا التقرير.

أيها السادة و السيدات،

بصفتنا القطاع الحكومي المعني بتنسيق السياسات الوطنية في مجال حقوق الإنسان، نعكف حاليا على وضع استراتيجية شاملة لترقية وحماية حقوق الإنسان، كما واصلنا التفاعل مع الآليات الدولية لحقوق الإنسان وإعداد التقارير وتقديمها طبقا لالتزاماتنا الدولية والإقليمية.

وسنعمل على تحيين الاستراتيجية الوطنية لتوطيد اللحمة الاجتماعية سعيا للمساهمة في جهود تعزيز الوحدة الوطنية والتعايش السلمي.

وقد تَبَنَّتْ المفوضية في إطار التَّوَجُّهِ الجديد سياسة الانفتاح على جميع الشركاء والفاعلين في مجال حقوق الانسان مُرَحِّبَةً بكل شفافية بالمبادرات والخطوات التي من شأنها تعزيز العمل المشترك من أجل ترقية حقوق الانسان وحمايتها والبحث عن الحلول المناسبة للقضايا المطروحة، مُحْدِثَةً بذلك قطيعة نهائية مع منطق النُّكْرَانِ وأسلوب المواجهة.

أيها السادة والسيدات

ختاما، أؤكد لكم أن بلادنا عاقدة العزم، عبر مختلف برامجها واستراتيجياتها التنموية، على تعزيز وحماية حقوق الإنسان بالتعاون مع كافة شركاءها، وبهذه المناسبة أدعو جميع الفاعلين الوطنيين وشركاءنا في التنمية إلى المساهمة الفعالة في هذا التوجه الذي يعطي لحقوق الإنسان العناية والرعاية اللائقتين.

أشكركم والسلام عليكم ورحمة الله تعالي وبركاته”

مقالات ذات صلة