نص خطاب رئيس الجمهورية الموجه إلى الأمة
“بسم الله الرحمن الرحيم
وصلى الله على النبي الكريم
أيها المواطنون،
أيتها المواطنات،
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته،
إن بلدنا يمر بفترة عصيبة، يواجه فيها على غرار بقية دول العالم داء الكورونا الذي أصبح يشكل وباء عالميا بكل المقاييس.
وفي مثل هذه الفترات، فترات الخطر المحدق يبرز بقوة ترابط مصائر أفراد الشعب الواحد، فالوباء يداهم دون تمييز، والقدرة على الصمود تكون على قدر الوعي وتضافر جهود الجميع في إطار من الوحدة الوطنية والتضامن الاجتماعي.
إن الأضرار البالغة التي ألحقها هذا الوباء بدول متطورة على الرغم من قوة منظوماتها الصحية وجودة بناها التحتية من مخابر حديثة ومستشفيات عملاقة، لدليل واضح على أن طوق نجاتنا الأول، هو العمل على منع انتشار الفيروس وتفشي العدوى.
وإدراكا منا لذلك، اتخذنا منذ الوهلة الأولى جملة من الإجراءات الصحية والأمنية الاحترازية الهادفة إلى تحصين البلاد من تسرب الوباء إليها وإلى تقليص الممارسات التي قد تسهم في انتشاره، بالحد من الاختلاط والحجر الذاتي والكف عن الحركة والتنقل إلا بقدر ما تمليه الضرورة القصوى.
وإنني بهذه المناسبة، لأتوجه بالتحية والشكر الجزيل لجميع المواطنين على وعيهم ومسؤوليتهم وحسن استجابتهم لكافة الإجراءات التي تم اتخاذها. كما أتوجه بالتحية إلى الطواقم الطبية والقوات المسلحة وقوات الأمن، على ما يؤدونه من عمل جبار في سبيل التنفيذ المحكم والفعال للخطة الوطنية لمواجهة هذا الوباء.
وكذلك أشكر أشقاءنا في الدول المجاورة لسلاسة التنسيق فيما يخص ضبط الممرات الحدودية المشتركة.
إن هذه الإجراءات وتلك التي قد تتخذ لاحقا عند الاقتضاء، إجراءات ضرورية لا غنى عنها في السعي إلى حفظ بلدنا من هذا الوباء.
وفي هذا السياق، أود التأكيد للجميع، أن كسب هذه المعركة يتطلب منا جميعا التعبئة الدائمة والعمل المستمر على تضافر جهود كافة قوانا الحية من إدارة عمومية وأحزاب سياسية وقادة رأي وفاعلين اقتصاديين وهيئات مجتمعية ونقابية ومواطنين عاديين. ولذا فإنني أهيب بالجميع، الانخراط في هذه المعركة والمساهمة كل من موقعه في التصدي لهذا الوباء الذي يشكل تهديدا حقيقيا لشعبنا ووطننا.
إن الوضعية الحالية، قد أضفت تعقيدات جديدة على حياتنا اليومية وقد تفرز انعكاسات أخرى أكثر تأثيرا بحسب ما تؤول إليه الأمور على المستويين الداخلي والخارجي.
فمن التأثيرات المحتملة، ما قد يحدث من اضطراب في تموين السوق الوطنية نتيجة ارتباك حركة التجارة العالمية ومن نقص في قدرة المواطنين على الكسب وتأمين حاجياتهم المختلفة.
وعملا على احتمال ارتباك حركة التجارة العالمية، أمرنا القطاعات الحكومية المعنية، باتخاذ كافة التدابير اللازمة لضمان استمرارية تموين البلاد بكافة احتياجاتها من المواد الغذائية والطبية والمحروقات.
أما فيما يتعلق بمواجهة ما قد يحصل من نقص في قدرة المواطنين على الكسب أو تأمين حاجياتهم المختلفة، فقد تقرر إنشاء صندوق خاص للتضامن الاجتماعي ومكافحة فيروس كورونا، يهدف إلى تعبئة كافة الموارد المتاحة وتوجيهها نحو الأنشطة ذات الصلة بانعكاسات الوضعية الحالية على المواطنين خصوصا الطبقات الهشة وذوي الدخل المحدود.
وسيكون هذا الصندوق مفتوحا أمام كل من يرغب في المساهمة في هذا المجهود الوطني، من فاعلين اقتصاديين وطنيين وشركاء دوليين.
وقد خصصت الدولة مساهمة في الصندوق تبلغ 25 مليار أوقية قديمة موجهة نحو الإجراءات التالية:
1 ـ اقتناء كافة حاجيات البلد من الأدوية والمعدات والتجهيزات الطبية المرتبطة بالوباء.
2 ـ تخصيص 5 مليارات أوقية قديمة لدعم 30 ألف أسرة من الأسر المعالة من طرف النساء والعجزة وذوي الإعاقة أغلبها في نواكشوط بإعانة مالية شهرية طيلة ثلاثة أشهر.
3 ـ تحمل الدولة لكافة الضرائب والرسوم الجمركية على القمح والزيوت والحليب المجفف والخضروات والفواكه طيلة ما تبقى من السنة وهو ما سيساهم في تخفيض هذه المواد الأساسية.
4 ـ تحمل الدولة لفواتير الماء والكهرباء عن الأسر الفقيرة لمدة شهرين.
5 ـ تحمل الدولة عن المواطنين في القرى كافة، تكاليف المياه القروية طيلة بقية السنة.
6 ـ تحمل الدولة عن أصحاب المهن والأنشطة الصغيرة ولمدة شهرين، كافة الضرائب البلدية.
7 ـ تحمل الدولة عن أرباب الأسر العاملين في قطاع الصيد التقليدي، كافة الضرائب والأتاوات المترتبة على هذا النشاط طيلة بقية السنة.
وتجدر الإشارة إلى أن رصد الموارد المخصصة لهذا الصندوق، لن يؤثر على المشاريع الاجتماعية والتنموية المبرمجة هذه السنة والتي سيتم العمل بشكل مكثف على تسريع وتيرة تنفيذها لتواكب بشكل فعال تحديات الظرفية الراهنة.
أيها المواطنون أيتها المواطنات،
إن جسامة الخطر المحدق، وما يستحقه الحفاظ على صحة مواطنينا من تضحيات، يحملني على تجديد الدعوة للجميع، مواطنين ومقيمين، إلى الحرص على الاحترام الصارم لما تقرر من إجراءات وقائية والبقاء في المنازل قدر المستطاع، وقصر التنقل بين المدن على ما تمليه حالات الضرورة القصوى والتحلي بأعلى درجات الحيطة واليقظة.
وإنني لعلى يقين من أننا، بذلك، سنتمكن، بإذن الله تعالى، من تجاوز هذه المرحلة الصعبة والمضي قدما في مسيرتنا الإنمائية.
أشكركم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته