كلمة القاضي السيد ولد الغيلاني رئس المحكمة العليا سابقا في حفل تأبين الفقيد محمدن ولد أباه

نواكشوط 26 اكتوبر 2021 ( الهدهد .م ص)

ألقى القاضي السيد ولد الغيلاني رئيس المحكمة العليا سابقا  كلمة في اليوم الأول من حفل تأبين  فقيد الأمة المغفور له بإذن الله محمدن ولد أباه ولد حامد يوم السبت الماضي .

ولما لهذه الكلمة من وقع في نفوس من عايشوا  في العمل الفقيد ننشرها اليوم على واجهة موقع “الهدهد”.

بسم الله الرحمن الرحيم

والصلاة والسلام على نبيه الكريم

 

السادة الوزراء،

أصحاب السعادة السفراء

السيدة رئيسة جهة نواكشوط

أيها الحضور الكريم كل باسمه وجميل وسمه

أود في البداية بمناسبة تأبين المرحوم بإذن الله محمدن ولد اباه ولد حامد أن أثمن مبادرة تنظيم هذا الحدث الهام الذي يبرز السيرة البناءة والأخلاق الحميدة والمكانة الرفيعة لفقيدنا المشترك وأن أشكر القائمين عليها سائلا الله سبحانه وتعالى أن يرحمه رحمة واسعة وأن يشمله بعفوه وغفرانه ولطفه ورضوانه وأن يجعله اللهم من أهله وأحبابه وأن يجعل مقامه عنده أعلى وأغلى من مقامه عندنا ويسكنه فسيح جناته إنه سميع ومجيب.

أيها الجمع الكريم،

لقد ذاق أخونا المرحوم محمدن من الكأس التي سنذوق منها جميعا وولج الباب الذي سنلجه جميعا وسلك الطريق الذي سنسلكه جميعا فإنا لله وإنا لله راجعون ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.

أيها الإخوة والأخوات،

عرفت المرحوم محمدن وأنا ذو العشرة سنين وهو أصغر مني لأني كنت من أصحاب الأخ الأكبر للفقيد محمد فال ولد اباه.فكان صبيا هادئا مسالما تقرأ في وجهه ونظره البراءة والحكمة وعمق التأمل وما زالت هذه الصفات عالقة في ذهني وأنا واقف أمامكم الآن. كان ذلك في حي مدينة G الواقع جغرافيا في المثلث: دار الثقافة– قيادة أركان الحرس الوطني – وحي الموسيقى العسكرية(Fanfare) لمن يعرف نواكشوط الجميلة في ذلك الزمن …

كنا نحن الأطفال سعداء جدا في ذلك الزمن وفي ذلك الحي الهادئ الآمن النظيف الذي تطبع المحبة والتعاون والتضامن أهله بمختلف مكوناته الاجتماعية وينعمون بجمال الطقس والسائر من البرودة إلى الاعتدال. وكانت الطبيعة نقية وقريبة من أطراف المدينة. فمضت الأيام ودارت وانشغل الكل بالدراسة وانقطعت الاتصالات بين أولئك الأطفال المتحابين والمتضامنين لأسباب عدة منها الترحال من حي إلى آخر ومن مدينة إلى أخرى إلى أن ألتقينا في نهاية الثمانينات بالضبط سنة 1989 حيث عُينت مديرا للتشريع بالأمانة العامة للحكومة وكان المرحوم محمدن يشغل منصب مدير مساعد للوظيفة العمومية.

فكان تعاوننا وتفاهمنا تاما من حيث تبادل الأفكار والخبرات في مجال الرقابة على النصوص التشريعية والتنظيمية التي تصدرها الوزارات والهيئات والمؤسسات الحكومية. ثم جاءت الفترة الانتقالية فجمعتنا في وزارة العدل حيث عين أمينا عاما وعُينتُ مفتشا عاما للإدارة القضائية والسجون.

فشاركنا معا بجدية ونشاط غير مسبوق في الأيام التفكيرية لإصلاح القضاء وفي إعداد التقرير النهائي حوله. وأشرفنا على تنفيذ التوصيات الصادرة بدقة وأمانة ولكن بصعوبة وبعد التغلب على العديد من التحديات والعقبات. وكان لذلك العمل البناء الأثر الإيجابي البالغ على السلطة القضائية بصفة كاملة حيث نحسن وضع القضاة وأعوان القضاء. وأنجزت مقرات المحاكم والمحكمة العليا وتحسن الوضع المادي والمعنوي للقائمين على القضاء.

وفي هذا الإطار لا بد أن أشيد بالدور الرائد للأستاذ محفوظ ولد بتاح وزير العدل والمرحوم محمدن ولد أباه الأمين العام للوزارة على الجهود الاستثنائية التي قاموا بها بغية إنجاح برنامج الإصلاح المرسوم إضافة إلى المشاركة الثمينة السيد الحسين ولد الناجي رئيس المحكمة العليا حاليا الذي كان معنامستشارا. كما لا يفوتني أن أنوه بالثقة التامة التي كنت أحظى بها لدى المرحوم محمدن إذ كان لا يسند تسيير شؤون الأمانة العامة للوزارة مدة غيابه سواء طالت أو قصرت إلاإلي فجزاه الله خيرا على تلك الثقة. فكنا نتقاسم مواجهة المحن ونفرح بالنجاحات والتغلب على الإكراهات. ثم شاءت الأقدار أن تجمعنا المحكمة العلياإذ ألتحقت به هناك كرئيس للمحكمة. فكان نعم الأمين ونعم المستشار ونعم الصديق. نال في تلك الفترة رحمه الله تعالى وسام فارس في نظام الاستحقاق الوطني.

وخلاصة القول عن فقيدنا الغالي طيلة تجربتي معه أنه كان مثالا في الإيمان بالله تعالى والانضباط والصدق في التعامل والخبرة والكفاءة المهنية والالتزام والرزانةوالتواضع والأمانة وحسن الخلق والحكمة والحنكة والمرونة والقدرة على الابداع والابتكار والصبر وسعة الصدر والتحمل والهمة العالية والنشاط الدؤوب والفهم الصحيح للنصوص والحرص على الشأن العام والشفافية والمسامحة والعفو…

لا يمكن إحصاء ما للمرحوممحمدن من خصال حميدة وسيرة مهنية وضاءة…

كانت وفاته خسارة كبيرة للوطن وصدمة لنا جميعا أصدقاء وأهالي وأسرة كريمة ومعارف.

أيها الإخوة والأخوات

بهذه الكلمة المختصرة عن أخي وصديقي ورفيقي المرحوم بإذن الله أعزيكم جميعا وخاصة أسرته الكريمة الصابرة والأخت الزهرةالعفيفة المرابطة أصدق تعزية.

اللهم أغفر له وأرحمه وتجاوز عنه وأسكنه الجنة يا رب العالمين وإنا لله وإنا إليه راجعون.

أشكركم والسلام عليكم ورحمة الله وتعالى وبركاته.

السيد ولد الغيلاني

 

مقالات ذات صلة