الترجمة الثالثة والثلاثون: شذرات من حياة بعض أعلام موريتانيا…/ د. أحمدو ولد آكاه
نواكشوط 02 ابريل 2021( الهدهد.م.ص)
*الشيخ أحمد بن اجمد الشمشوي اليدالي:
نسبه:
هو أحمد الملقب “ابُّوه” بن محمذن بن اجَّمَدْ بن أيدوم بن أحمذو بن الفقيه المختار بابو بن محمد الأمين بن المختار بن عمر بن علي بن يحي بن يداج أحد الرجال الخمسة المكونين للحلف الشمشوي والجد الجامع لقبيلة إدوداي.
وأمه: مريم بنت عبد الله جنك بن ميلود بن المصطفى بن محمد سعيد بن المختار بن عمر، وهنا يلتقي نسبها مع نسب والده.
مولده ونشأته:
ولد المترجم له سنة 1266هـ في بيت علم وورع، فوالده “محمذن بن اجمد” عالم ورع زاهد، وجده “أحمذو بن الفغ المختاربابا” كان وافر العلم شيخا ومن تلامذته: الشيخ محمد اليدالي، وألما العربي بن المصطفى، وجده الأبعد “الفقيه المختار بابو” أحد الأولياء العاملين والصلحاء المتقين..
وأما والدة “ابوه” وهي “مريم بنت عبد الله جنك” الآنفة الذكر فكانت امرأة صالحة قانتة تدرس القرآن وغيره من العلوم؛ حيث كانت على حظ وافر من العلم والعمل، كما كانت حسنة الخط تنسخ الكتب والمصاحف، ويقال إنها لم يبلغ في زمنها أحد من قبيلتها إلا وأعطته مصحفا ونسخة من مختصر خليل بخط يمينها، ويكفي من فضلها أن “أحمد” وشقيقه “زين” وأخوهما لأم “المختار بن جَنْكِ” يعرفون بأبناء “مريم”.
وقد درس “أحمد” على والده القرآن وحفظه في سن مبكرة، كما استفاد من أخيه “المختار بن جَنْكِ” دارسا الكتب والمتون دون أن يتخصص في فن من الفنون مبدئيا وفي هذه المرحلة درس على ابن عمه “زين بن ألمين بن أيدوم” (ت 1290هـ).
دراسته وشيوخه:
بعد أن تلقى “ابن اجمد” تكوينه الأساسي ارتحل إلى “محمذن بن محنض بابه بن اعبيد الديماني” (ت 1319هـ) ومكث معه فترة لا بأس بها درس خلالها ألفية ابن مالك ومختصر خليل وغيرهما، كما أخذ عن “المختار بن ألما اليدالي” (ت 1308هـ) الطريقة الشاذلية وأصبح من أبرز شيوخها.
ورغم اختلاف “أحمد بن اجمد” على هذه الشخصيات العلمية يمكن القول إنه اعتمد بالأساس على مطالعته وذاكرته الفذة وذكائه الحاد، فبعد أن أخذ عن هؤلاء العلماء كون نفسه تكوينا محظريا عاليا مكنه من إجادة الفقه والعقيدة والبراعة في العلوم اللغوية.
تلامذته:
تصدر “ابن اجمد” للتدريس في سن مبكرة، وبدأ إشعاعه المعرفي، ومن أبرز أولئك الذين أخذوا عنه: محمد سالم بن ألما، ومحمد فال بن محمذن ابن العاقل، الذين تصدرا عليه في علم الباطن حيث أخذا عنه الطريقة الشاذلية، ومن الآخذين عنه: محمد بن حمينه، والمختار بن المحبوبي، والحسن بن السيد، وسيدي بن زين العابدين اليداليون، وسيد بن المختار أم، وغير هؤلاء كثير.
وقد مكث أحمد زمنا في أسرة “آل العاقل” ينشر العلوم والمعارف، وكانوا يتفاءلون بأشعاره، ومن ذلك تيامنهم ببيته الذي يضبط فيها ماضي “ثلَج” ومضارعه مشيرا ألى أنه ورد من باب : نصَر ينصُر، ومن باب فرِح يفرَح حيث يقول:
وَثلَجَ الصَّدْرُ اطْمَأَنَّ وَانشَرَحْ
وَهْوَ كَفِعْلِ النَّصْرِ أوْ فِعْلِ الفَرَحْ
وقد فضله تلميذه “سيدي بن المختار أم العاقلي” على سائر الأشياخ قائلا:
فَإِن تَكُن الأَقْوامُ زارَتْ مَشايِخاً
عليْها مَدارُ الدِّينِ فِي الخَمْسِ دائِرُ
فَإنِّي ـ وَحُسْـــنُ الظَّنِّ يَنفَعُ رَبَّهُ ـ
لأَحْمَدَ مِـن بَيْنِ المَشـــايِخِ زائِــرُ
آثاره:
ترك المترجم له مجموعة من الأنظام المفيدة في مختلف الفنون، لكنه لم يكثر من التأليف نظرا لانشغاله بالعبادة والتعليم، ومن أبرز آثاره:
– نظم ما اتفق وزنا ومعنى من اللغة العربية، ويقع في 238 بيتا.
– تأليف في أنساب قبيلة إدوداي (اليداليين).
– تأليف مختصر في النحو للمبتدئين.
– نظم ضبط بعض أعلام اللغة وأسماء البلدان.
– نظم في أسماء الله الحسنى يبين فيه سر كل اسم منها، ويقع في حدود 170 بيتا.
– مجموعة أنظام أغلبها في اللغة والنحو والفقه.
وفاته:
توفي “أحمد بن اجمد” ـ رحمه الله تعالى – سنة 1354هـ، وقد أرخ لوفاته تلميذه العلامة “المختار بن المحبوبي” فقال:
وَفي “نَدٍ” مَوْتُ الإِمامِ أَحْمَدِ
نَجْلِ مُحَمَّذَنْ سَليلِ اجَّمَدِ
ذِي الضَّبْطِ لِلعُلومِ وَالأَلْفاظِ
مَنْ كانَ مِنْ أَكابِرِ الحُفَّاظِ
وَمِن ظِــــــرافِ عَصْرِهِ وَكانَا
للهِ قَــــــــدْ خضَعَ وَاسْتَكانَا
وقد ووري الثرى بمقبرة “تندكسمي” بمنطقة “إيكيدي” في ولاية الترارزه مع جمع من العلماء والصلحاء.