سيدي أحمد السالك : ” النيفارة” ٱلة موسيقية من التراث جديرة بالصيانة ونفض الغبار عنها ..
امبود : 22 يناير 2021 ( الهدهد . م.ص)
جبل المجتمع الموريتاني على حب الموسيقى بجميع اشكالها وانواعها وتخصصات أصحابها في ربوع بلاد شنقيط.
وتعتبر ” انيفارة ” وهي قطعة عود مجوفة صغيرة فيها ثقب كبير واثقاب صغيرة متعددة يتم النفخ في الثقب الكبير في حين تؤدي اصابع اليد حركة متناسقة على الأثقاب الصغيرة لتحدث أصواتا موسيقية تطرب المستمع وتحرك اشجانه فتؤدي في محيطها الاجتماعي من الطرب والترفيه ما تحدثته “التيدينت وٱردين” وأزيد .
ففي سنة 2016 اخذت جماعة من شباب مدينة من مدن “مثلث الفقر امبود ” على نفسها احياء هذا التراث الذي بدأ يختفي رويدا رويدا برحيل معظم من كانوا يزاولونه هواية واحترافا فاسس الشباب جمعية ” التغيير البناء التطوعية في امبود ” فجعلوا منها الإطار الذي يحتضن تنظيم مهرجان سنوي خاص” بالنيفاره”. إضافة إلى أنشطة تطوعية لصالح سكان المقاطعة .
وكما قلت سابقا ف “النيفارة” كلما بدأ النفخ فيها من طرف من تمهروا في استخدامها ترفيها لهواتها ومحبيها في المناسبات الأجتماعية “الاعراس والأعياد الدينية والزيارات الرسمية”, تتنادى الناس عليهم لتشكل حلقات حولهم تثير حماسهم بالتصفيق والزغاريد والرقص .
ولتسليط الضوء أكثر على هذا التراث الفني القديم أجرى “موقع الهدهد” مقابلة مع رئيس” جمعية التغيير البناء التطوعية” السيد سيدي أحمد السالك ولد أحمد غالي ، وهذا نص المقابلة في سؤال وجواب :
سؤال : النيفاره ” ٱلة موسيقية لازمت المجتمع الموريتاني في حله وترحاله فهل لديكم معلومات عن بداية استخدامها؟
جواب : ليست لدينا معلومات محددة بالتاريخ الزمني عن بداية استخدام هذه الٱلة إلا ان كلما نسمعه عنها شفهيا من الرواة انها قديمة ، وكانت تعزف عند الأمراء وفي الحروب لٱثارو حماية الجيوش في القتال مما جعلها تعتبر الٱن من التراث الذي يجب أن تجد من العناية والأحتضان ضمن التراث “غير مادي ” مازال غائبا عنها.
وإدراكا منا لأهميتها كتراث شعبي خاص بمكونة من مكونات مجتمعنا الذي يفتخر بتنوعه الثقافي في شتى المجالات أرتأينا رغم تواضع امكانياتنا المادية إعادة الاعتبار ” للنيفارة” من خلال تنظيم مهرجان سنوي نستدعي له الضيوف من خارج سكان المقاطعة, لجعل الحدث يلعب دورا في انعاش اقتصاد المدينة المصنفة محليا ضمن “مثلث الفقر”.
سؤال : من المعلوم أن أي تجمع كبير يتطلب تنظيمه ترخيصا من السلطات فهل حصل المهرجان على ترخيص من وزارة الداخلية ؟
جواب : المهرجان تتولى تنظيمه جمعية التغيير البناء التطوعية، الحاصلة على ترخيص من سنة 2016 , ونظمت حتى الٱن
نسختين من المهرجان وتستعد لتنظيم النسخة الثالثة في مدينة امبود، حيث يهتم سكانها بهذا النوع من الفن الضارب في أعماق التراث، ونحن في الجمعية نعتبر صيانته وحمايته أمانة في اعناقنا لذلك عملنا جاهدين على مواصلة تنظيم هذا المهرجان ، رغم أننا لم نجد حتى الٱن من الدعم المادي والمعنوي من الجهات الرسمية خاصة المسؤولة عن صيانة وحماية التراث بشقيه المادي وغير المادي ما يحفزنا على مواصلة ما نقوم به إلا أن ذلك لم يثبط عزمنا في ما نطمح لتحقيقه من إعادة الاعتبار لٱلة “النيفارة “الشعبية .
فقمنا على مستوى الجمعية بتنظيم النسخة الثانية بعد حصولنا على ترخيص لتنظيمها من طرف وزارة الثقافة والصناعة التقليدية والعلاقات مع البرلمان .
ولا نجا في الصواب اذا قلت لكم أن نسخة المهرجان الثانية المنظمة 2019 شهدت نجاحا باهرا تمثل في إقبال سكان المدينة والقرى المجاورة والضيوف من نواكشوط وكيهيدي والزويرات وكيفه ومدن وقرى أخرى بالإضافة إلى حضور السلطات الإدارية والفاعلين السياسيين وبعض المنتخبين في المقاطعة.
سؤال : النسخة التي تستعدون لتنظيمها في أي مدينة ستقام هذه السنة ؟
جواب : المهرجان ينظم دائما والى حد الساعة في مدينة امبود ،حيث برمجنا تنظيم النسخة الثالثة في نهاية دجمبر لأنه مناسب من حيث اعتدال المناخ وفترة الراحة المدرسية التي تكون فرصة لعودة الطلاب لمشاهدة فعاليات المهرجان ، وفي نفس السياق نستدعي الضيوف من مسؤولين ورجال اعمال ليتعرفوا على المناظر السياحية والأقتصادية التي تزخر بها المقاطعة، فبها أكبر سد في البلد ” فم لكليته” مستغلين المناسبة لٱنعاش المقاطعة المهجورة والمنسية إلا أن جائحة كورونا عرقلت تنظيم المهرجان عن الوقت الذي كان محددا له.
سؤال: جائحة كورونا عرقلت الكثير من التظاهرات الثقافية والفنية فماذا عن الإجراءات الاحترازية في حالة بدأتم إطلاق فعاليات المهرحان؟
جواب : نتمنى من صميم قلوبنا أن تنظم النسخة الثالثة من المهرجان وقد انكشفت الجائحة عن بلادنا وجميع بلاد المسلمين ، ونحن مستعدون في حالة انطلاق فعاليات المهرجان في اجواء هذا الوباء بتطبيق الإجراءات الاحترازية المنصوص عليها من طرف وزارة الصحة بتوفير الكمامات بالكم الكافي لجميع ضيوف المهرجان ،الالتزام بالتباعد، بحيث تتم مسافة مترين بين كل شخص مع الٱخر وتكوين فرق مهمتها توفير الصابون والماء لغسل اليدين لكل وافد على المهرجان .
سؤال: ماذا عن دعم السلطات المادي والمعنوي للمهرجان في نسخه الماضية ؟
جواب : النسخة الأولى من المهرجان لم تكن مرخصة من طرف وزارة الثقافة حيث قمنا بتنظيمها 2016 اعتمادا على جهودنا المحلية، لكن النسخة الثانية التي حصلت على ترخيص من قطاع الثقافة حظيت من الوزارة بالدعم المعنوي ومازلنا ننتظر الدعم المادي في النسخ القادمة من خلال إصدار الوزارة توصية للمؤسسات والوزارات لمساعدة لجنة تنظيم المهرجان ماديا في توفير مناخ ملائم لإحتضانه .
ونحن في هذه الوضعية نطالب الوزارة بدعم المهرجان الذي يحمل رسالة مهمة في المحافظة على تراث بدأ يندثر ونسعى بجهودنا الذاتية لنفض الغبار عنه وإعادة الاعتبار له بهذه التظاهرة البالغة الأهمية وتجب المحافظة عليها.
سؤال ماذا عن اقبال الجمهور على النسختين الماضيتبن من المهرجان خاصة من حيث الحضور ؟
جواب : شهدت النسخة الأخير ة حضورا منقطع النظير، حيث استطاع المهرجان أن يجمع تحت خيمته سكان المقاطعة بمختلف مشاربهم وتوجهاتهم ، فتنادت الجمعيات والمنظمات الشبابية وكل الفاعلين السياسيين والمنتخبين وعشاق صوت النيفارة من كل حدب وصوب في ليال سمر على ٱلة موسيقية تطرب الأذن وترفه عن النفس .
وقد ذاع صيته المهرجان في نسخته الثانية من خلال نقل وسائل الإعلام له حيث أصبح معروفا لدى أغلب هواة هذه الٱلة الموسيقية وجمهورها العريض .
سؤال : متى بدأ تم التفكير في تنظيم هذا المهرجان؟
جواب : أما مايتعلق بفكرة المهرجان فهي قديمة وكنا نريد من ورائها الفات النظر إلى هذه المقاطعة المنسية من سياسات التنمية الموجودة في الوطن ، فنحن نريد أن يكون المهرجان مرٱة تعكس حقيقة المقاطعة التي هي غنية باقتصادها وكفاءة أبنائها ومعالمها الأثرية والسياحية .
في اعتقادي أن هذا المهرجان سيكون فرصة لإعطاء صورة حقيقية عن المقاطعة وسيكون مناسب لإنعاش المقاطعة اقتصاديا وابراز أن مقاطعة امبود تشكل نموذجا لموريتانيا المصغرة من خلال تركيبتها السكانية حيث يتعاش سكانها في وئام وانسجام ولحمة بين مكونات مجتمعها المتٱخي المتحاب.
سؤال : هل تعرضتم لمشاكل في بداية تنظيم النسخة الأولى من المهرجان ..وهل تغلبتم على تلك المشاكل؟
جواب : لا يمكن لأي عمل انساني أن يبدأ بدون أن يتعرض لمشاكل ، لكن بالإرادة والتصميم سيتم التغلب على جميع العراقيل من خلال مضاعفة الجهود وفي هذا المقام لا بد أن نطالب مرة أخرى الوزارة بدعم المهرجان الذي يسعى للمحافظة على تراث مهم و جدير بأن يحافظ عليه من الضياع.
ومن بين العراقيل التي تعترض سبيلنا عدم استيعاب البعض لفكرة المهرجان الذي نرى نحن انه انجع وسيلة لٱعادة الاعتبار الى المقاطعة التي تحتضنه من جهة وإحياء لتراث يكتسي أهمية كبير ة ،ولنا في مهرجانات المدن القديمة إسوة لما تركته من أثر إيجابية على سكانها .
سؤال : هل من كلمة اخيرة لمحبي النيفارة ؟
جواب : كلمتي الأخيرة لمحبي االنيفارة هي أنها ستكون بخير وسنعمل على تكوين شباب على النيفارة, ولم لا فتح معهد لتعليم العزف عليها لدى الشباب اذا توفرت الإمكانيات لذلك.
ونؤكد لهم أن النيفارة ستكون بخير اذا حظيت بدعمهم. ومؤازرتهم لتنظيم نسخ مهرجاناتها التي نأمل أن تتواصل بحول الله وقوته.
* أجرى المقابلة الشريف بونا*
ا