من الارشيف : احداث شجلها التاريخ وطنية ودولية في 16 مارس

 

الذكرى الاربعون لإنقلاب 16مارس 1981

في تواريخ مماثلة شهدت موريتانيا أحداثا مزعجة..
– 16 مارس 1982 تأسيس التنظيم السري للجناح العسكري لحركة افلام.
– 16 مارس 1982 اعتقالات في صفوف البعثيين.
– 16 مارس 1982 إخطار السفن الروسية بحظر تصدير السمك الى العراق.
16 مارس 1984 استخدام تعذيبة الجاكوار ضد معتقلي الناصريين.
– 16 مارس 1989، الأمن يكشف ارتباطا مشبوها بين أعضاء في اللجنة العسكرية وملحق عسكري بسفارة غربية، فٱلت التحريات إلى تنحية العقداء (ولد عال انجاي، ولد سيديا، جبريل).
– 16 مارس 1989، مشاجرة بين فلاح ومنم تسببت في أحداث رمضان/ابريل 1989 بين الجارتين وبين الشعبين.
– 16 مارس 1997، تفاهم ثلاثي، يتضمن التزاما أمريكيا بالتخلي عن دعم (فلام)، ووعدا موريتانيا بالتطبيع، وقطع العلاقة مع العراق.
– 16 مارس 2017 وفاة العقيد فياه المعيوف، الذي كان مقررا أن يتولى رئاسة الحكومة لو نجح انقلاب 16 مارس 1981.
– 16 مارس 2019 وفاة العقيد محمد محمود ول احمد لولي الذي كان مقررا -ايضا- أن يكون رئيسا شرفيا للدولة لو نجح انقلاب 16 مارس 1981.
المحاولة الفاشلة 16 مارس 1981 تستمد خلفيتها من الخلاف السياسي – بعد مقتل بوسيف – بين نظام هيداله وبين اليمين الكادحي، بعد أن ٱثر النظام أن يٌوليّ وجهه شطر يسار الكادحين (الحركة الوطنية الديموقراطية mnd) ، وانقلابيو 16 مارس هم الجناح العسكري ليمين الكادحين الذي “كفر” بالعقيدة الماوية وٱمن ب(ميثاق ماري اتريز) ذي النهج الليبرالي (ردة اليسار 1975)، إذ عٌرف أنصاره وقتها باسم “الميثاقيين” لتبنِّيهم لميثاق الحوار الوطني 1975، إيذانا بخروجهم من عباءة الحركة الأم (mnd)، والانضواء تحت لواء الحزب الحاكم، وبموجب إعادة التشكل التنظيمي اتخذ اليمين اسم “التحالف من أجل موريتانيا ديموقراطية amd” ليشرع – من المنفى – في معارضة النظام.
كانت الظروف السياسية مهيأة لاحتضان المغرب لهجرة المغاضبين لأسباب من بينها أنهم خصم لحليف البوليساريو، ولكن توقيت الانقلاب لم يكن موفقا لاعتبارين:
الإعتبار الأول أن الجبهة الداخلية متماسكة، تشهد أوج الوئام الموقت بين النظام الذي يعيش عهده الذهبي وبين الحركات الأيديولوجية (Mnd، البعث، الناصريون، الإخوان)، وبشكل عام فالنظام في وضع مريح بعد تخلصه من أنداده في الجيش قتلا وإقالة (العقداء: بوسيف، ولد ولاته، ولد احمد لولي، كادير، ولد سيدي، ولد المعيوف، الرائد الطيارإنجاي جنك)، وكان ٱخر من يجب التخلص منه الرائد جدو ولد السالك، ثم المقدم أبوه ولد العلوم والنقيب محمد فال ولد لمرابط اللذين أرجئ لهما في أجليهما، ليختار لهما القدر رحلة جوية 1983 الى العالم الٱخر، تماما على الطريقة التي اغتيل بها الرئيس العقيد احمد ولد بوسيف 27 مايو 1979.
الإعتبار الثاني هو اختلال التنسيق بين شركاء الانقلاب، فالخلية التي يقودها النقيب ابراهيم ولد جدو انقطعت صلتها بالتنظيم بسبب إصابة عنصر الارتباط (المدني) في حادث سير، فلم تكن الخلية على دراية بتوقيت العملية إلى أن فوجئ قائدها برفاقه يقتحمون مكتب قائد الاركان معاوية، الذي كان بالصدفه معه في المكتب وقد توفي النقيب ابراهيم لتوه أثناء الاشتباكات.. كذلك لم تتهيأ الفرصة لتعبئة وتسليح 40 مقاتلا التزم فياه ولد المعيوف بمشاركتها تحت قيادته.
أثناء التحضير للانقلاب اتصلت القيادة السياسية ل (l’amd) بالنقيب ابريكه ولد أمبارك قائد المنطقة العسكرية بروصو -قبل تحويله إلى ازويرات- وعرضت عليه المشاركة، فكان رده من ثلاث نقاط ( لن أشارككم، أن أبلغ عنكم، أن تعبروا النهر ما دمت هنا).
والواقع أن الفترة ما قبل دخول الكوماندوز الى موريتانيا شابها غموض يحول دون استبيان وجه الحكمة من هجوم اثني عشر شخصا فقط على نظام في عقر داره (!!) مع أن لهذه المخاطرة مثيلاتها، كعودة ول هيداله بعد عزله 1984 أملا في استرجاع عرش اختطفه “الذي عنده علم من الكتاب”، وكعودة ول حنن وول ميني 2004 بحزمة رشاشات مخبأة في شاحنة مع تجمخت وامبصام وأكنات لقلب نظام عجزت الدبابات عن قلبه.
ربما يكون مرد ذاك الغموض أن القيادة السياسية للحركة قصرت في وضع قائد العملية (كادير) في الصورة الكاملة عن مستوى التنسيق الذي كان إسناده للمدنيين خطأ قاتلا، فيما طغى التهور والإستبداد على سلوك القائد حين تبين له فشل التنسيق وهو لما يزل على الضفة الجنوبية، لانقطاع الصلة بين الشركاء السياسيين والعسكريين، باستثناء السيد حابه ولد محمد فال الموكول إليه توفير 12 رشاشا و5 مسدسات و12 زيا عسكريا، وباستثناء عناصر ربط استقبلوا الوافدين على الضفة اليمنى ليسلموهم سيارتي لاندروفير بطلاء عسكري.
ولكم كان من الحكمة أن يعتبر(القائد) ٱراء رفاقه في التريث والانتظار على الأرض السينغالية إلى حين إعادة ربط الاتصال بخلايا انواكشوط، وحضور منسقيها الى خيام حابه في ليشاتور.. بيد أن هاجس الاستعجال تغلب على روع الحكمة.
لو نجح الانقلاب لتشكلت مراكز القيادة في النظام الجديد على النحو التالي:
– العقيد محمد ولد ابّه ولد عبد القادر رئيسا للجنة العسكرية.
– العقيد المتقاعد فياه ولد المعيوف رئيسا للحكومة.
– العقيد المتقاعد محمد محمود ولد احمد لولي رئيسا شرفيا للدولة.
كانت تشكلة الكوماندوز من 12 شخصا، كادير، احمد سالم ولد سيد، انيانك، دودوسك، ابراهيم ولد اعل، يعقوب ولد اتفغ العالم، ابراهيم فال ولد عيدلها، الداه ولد محمد لعبيد، اسماعيل ولد محمدو، احمد ولد انديات، حضر العشرة بينا تخلف اثنان هما سيدنا عال تونكارا (بامر من كادير لأسباب صحية) و با ٱمدو (اعتقله الامن الفرنسي في طريقه الى دكار) العشرة دخلوا صبيحة ال 16 مارس مباني الرئاسة والاركان دون مقاومة، ولا داعي لرسم تفاصيل المشهد الذي انتهى باعتقال تسعة في حين نجا العاشر وانسحب متخفيا في أزياء مدنية انتزعها من زائر وجده في الرئاسة بمكتب ولد ابريد الليل.
ومن الراجح أن هيداله قد علم في الساعات الأولى لذلك اليوم بالهجوم الوشيك، ربما دون تحديد لمساره، فاستقل مروحية عسكرية فجرا إلى اطار، ثم إلى ازويرات ضحى، ليبلغه النقيب ايريك قائد المنطقة العسكرية بسقوط العاصمة، فاستأنفت المروحية رحلتها إلى بير ام اكرين، ثم طلبت الاتصال بالجزائز ومالي غير أنهما اعتذرتا، فعادت أدراجها الى ازويرات، ليبقى الرئيس خارج المدينة في ضيافة زميله النقيب ابريكه ساعات قبل وصول الخبر بإفشال المحاولة واعتقال منفذيها.
أحيل الانقلابيون إلى محكمة العدل الخاصة برئاسة العقيد الشيخ ولد بيده، فأصدرت أحكاما بالاعدام في حق أربعة وبمٌدد سجن طويلة حق الباقين، كما شملت الإدانة العشرات خارج الوطن.
وعلى خلفية ذلك تم اعتقال بعض الشخصيات مثل الوزير السابق الاستاذ محمذن ولد باباه ورجل الأعمال بمب ولد سيد بادي وغيرهم كثير..
أحكام الإعدام عٌرضت على اللجنة العسكرية في تشكيلتها الموسعة (بما فيها قادة المناطق) للتصويت عليها فكانت الأكثرية ضد الإعدام خاصة ولد الطلائع وولد لكحل وولد أمبارك، فاستٌغيض باجتماع في اليوم الموالي خاص بالتشكيلة الضيقة (اللجنة الدائمة) حيث صوتت بأغلبية الحاضرين على تنفيذ الاعدام..
إثر الحكم بالاعدام توافدت رسل الوساطة على ولد هيداله من ملوك ورؤساء العالم ابتغاء العدول عن تنفيذ الحكم فأصر على الرفض، ولما علم بوصول طه ياسين رمضان مبعوثا من صدام حسين لذات الغرض بادر إلى التنفيذ ساعات قبيل استقبال الضيف الكريم لقطع السبيل أمام شفاعة صدام، كذلك لم يعبأ هيداله بنصيحة الامام الاكبر بداه ولد البصيري.
رحم الله الجميع

احمد حيدات

مقالات ذات صلة