خاطرة …/ تأملات من البادية…/ البشير ولد ابيهيم

الاثنين 20 سبتمبر 2021 ( الهدهد. م.ص)

خرجت عطلة الاسبوع الماضية من انواكشوط باتجاه منزل ريفي نصبته على قمة تل يبعد 94 كم من انواكشوط على طريق مدينة روصو و بينما كنت استمتع بجو معتدل لطيف و مناظر خلابة لفت انتباهي بعض المشاهد المخلة بجمال المشهد و الناتجة عن عادة ترك القمامة على طول الطريق و على جنباته حيث يستقر الكثير من سكان انواكشوط -مثلنا- في فترة الخريف. و بينما انا كذلك تساءلت كيف يمكن للمواطنين الاسهام في المحافظة على البيئة و الصحة العامة و رونق المناظر الطبيعية و بانجع الطرق.
و حيث ان المنزل الذي ذكرت يطل على الطريق فان ازيز السيارات كان الصوت الوحيد الذي يلفت انتباهي و بشكل متواصل فقلت في نفسي لماذا لا تستغل هذه السيارات التي تحمل الى الريف كل انواع مسببات التلوث لنقل القمامة الى العاصمة مثلا او الى اقرب مدينة يمكن معالجة النفايات فيها. عندها قررت ان احصي عدد السيارات المارة على هذا الطريق و بعد بعض الحسابات و التقديرات وجدت ان عدد السيارات المارة يوميا على هذا الطريق لا يقل عن 1000 سيارة. تفاجات بهذا العدد الكبير حيث انه لو افترضنا ان كل سيارة ستخلف وراءها على هذا الطريق واحد كيلوغرام على الاقل من النفايات المضرة بالبيئة فانه سيكون لدينا يوميا طن من هذه النفايات على جنبات الطيق ! اي انه سينتج كل خريف -يمتد ثلاثة اشهر- ما يناهز 90 طنا من القمامة. هذا في الخريف فقط، علما ان السيارات لا تتوقف عن الحركة عبر هذا الطيق في فترات السنة الاخرى.
من المعروف ان المواد البلاستيكية و الكيميائية – مثل البطاريات- مضرة بصحة الانسان و الحيوان حيث انها عندما تتحلل يمكن ان تدخل اجسام الحيوانات فتدخل اجسام البشر من خلال اللحوم و الالبان… هذا فضلا عن المنظر القبيح الذي ترسمه تلك الاوساخ في الارياف و على الطرق.
و هكذا فانه لو اعاد الى انواكشوط كل سائق المواد البلاستيكية التي يستعملها في طريقه او خلال استجمامه فاننا بذلك نحمي جماعيا بيئتنا و صحتنا و نحافظ على سمعتنا و نظافة بلدنا. لكن ذلك يتطلب وعيا من الجميع باهمية هذا الامر و تبنيا من طرف السلطات المعنية. فيمكن مثلا لسلطة البيئة ان تعد قانونا يفرض على السائقين عند دخول اية مدينة ان يسلم لها كمية من المواد البلاستيكية و الكيميائية او ان يدفع غرامة تعويضا عن اضراره بالبيئة حتى ينتبه الجميع الى جدية الامر و اهميته.
و هكذا فانه و عملا بقول الشاعر أبي الاسود الدؤلي :
لا تنه عن خلق و تاتي مثله *** عار عليك اذا فعلت عظيم

فانني قمت بتنظيف محيط منزلي الريفي من جميع انواع المواد البلاستيكية التي تراكمت منذو شهرين، و وضعتها في سيارتي لاعيدها الى انواكشوط لتهتم بها مشكورة شركة النظافة.
عسى ذلك يكون رمية “تحفظ” عصفورين – حتى لا نقول تقتل- فاخفف من الضرر و لو قليلا، من جهة و قد يحذو الجيران حذوي، من جهة اخرى و هكذا يتم على الاقل تنظيف مكان راحتنا الجميل، حتى لا نظل في انتظار ان تنظف الارض نفسها او ان تنمو للقمامة ارجل فتسعى بها الى حيث نريد نحن.

حفظ الله بلادنا من كل مكروه.

مقالات ذات صلة