رأي حر: مقابلة الرئيس تميز في الشكل والمضمون…/ بقلم : المختار ولد خيه

نواكشوط  01اكتوبر 2021( الهدهد. م.ص)

تابعنا كغيرنا من الموريتانيين مقابلة رئيس الجمهورية مع قناة فرنسا 24، باللغتين العربية و الفرنسية، و هي مناسبة سانحة لإبداء بعض الملاحظات ،حول شكل و مضمون المقابلة و ما تنطوي عليه من مضامين تلامس إهتمامات الرأي العام الوطني و الدولي. حيث تميزت المقابلة بطابعها التقليدي الأصيل من خلال إرتداء الدراعة تحت الخيمة، إعتزازا بالهوية العربية الموريتانية الأصيلة ، مع التحكم بالموسوعة الثقافية الغربية ، عبر اللغة الفرنسية موازاة مع اللغة العربية في أبهى أبجدياتها و مصوغاتها العميقة ،في نمط جديد من الخطاب تتعانق فيه مقومات الرسائل السياسية الحديثة المعنى و الدلالات المنطقية و الرمزية، مما يترجم عمق الفهم ووضوح الرؤية مع التعبير الراقي.

الرسالة الأولى كانت موجهة لطمأنة الرأي العام الوطني حول مستقبل الحريات العامة مع التعهد بالنية الصادقة في تحسين مناخ الحقوق والحريات العامة ، على ضوء الإشاعات المتداولة حول قانون الرموز الوطنية و التأكيد على الحرص على مسار الإنفتاح مع الإبقاء على المكانة المميزة لموريتانيا في السلم الدولي بدون تراجع.

الرسالة الثانية تتعلق بالأمن ، حيث أكد رئيس الجمهورية أن موريتانيا أختارت طريق الأمن على حساب التنمية ،بإعتباره أهم دعائم و مرتكزات التنمية ،مع التأكيد أن الحوزة الترابية لحدود البلد محمية بفعل يقظة القوات المسلحة و قوات الأمن الوطني، مبرزا الوسائل و الآليات الدفاعية التي يعول عليها في تحقيق الأمن و المحافظة على الإستقرار الدائم أمام مختلف التحديات المحتملة .

الرسالة الثالثة تتعلق بالمضي قدما في محاربة الفساد و تطهير صرف المال العام، مع التأكيد على إستقلالية السلطات في تأدية مهامها بكل أرحية و نزاهة ، تتماشى مع تطبيق القانون على الجميع دون أي أعتبارات ، مع حرصه على عدم التدخل في الملفات القضائية ،سبيلا لإستقلال السلطة القضائية في الاضطلاع بالدور المنوط بها بكل حرية ، في إحترام للحدود الفاصلة بين المؤسسات الدستورية داخل دولة الحق و القانون.

الرسالة الرابعة تتعلق بالجوار الإقليمي العربي و الإفريقي، حيث عبر رئيس الجمهورية عن عمق تفهمه للإجراء الدستوري التونسي في مواجهة أزمة الإنسداد السياسي الذي تعانيه دولة تونس الشقيقة، منبها على ثقته في إختيارات الرئيس التونسي و خبرته الدستورية في التعاطي الإيجابي مع متطلبات تجاوز المرحلة، لرفع جملة التحديات و العودة للحياة الدستورية العادية ،ضمانا للسلم الإجتماعي و صيانة للتجربة الديموقراطية الرائدة في المنطقة.

كما نوه رئيس الجمهورية بالدور الفرنسي المحوري في منطقة الساحل عبر الدعم منذ سنوات ، لمواجهة خطر الجماعات المسلحة ، للتحكم في الوضعية الأمنية المعقدة، مستبعدا أي تقارب أو حوار مع الجماعات المتطرفة و إحترام موريتانيا لسيادة كافة دول منظومة الساحل الإفريقي ،مع مواصلة جهود التنسيق و توسعته نحو الجزائر، نظرا للموقع الجغرافي المتسع مع دول الساحل الخمس.

مقابلة تميزت باللغة الرزينة و الفخمة و الأسلوب الديبلوماسي المرن ، مع الحكمة و الحنكة في التعاطي مع القضايا الوطنية و الدولية الحساسة، كما أعطت الإنطباع بالشمولية في الطرح العقلاني و الموضوعي ،مع ثقل الوزن في معاني و دلالات الكلمات، المعبرة عن الإحاطة بالملفات ،مع النظرة المتبصرة ،لخصوصية تسيير البلد في تأني و سلاسة تحكم مصالح البلا والعباد.

مقالات ذات صلة