الترجمة العشرون : شذرات من حياة اعلام موريتانيا…/ د. أحمدو ولد آكاه

نواكشوط 07  مارس 2021 (الهدهد.م.ص)

الفقيه عمر الخطاط بن محمد البرتلي
نسبه: هو ألفغ الخطاط، اسمه عمر، وكنيته أبو حفص، ولقبه آبيه، ابن محمد بن أعمر بن أوبك البرتلي. أمه: تَرَزْكَه بنت ألفغ عبدي المجلسية.
مولده ونشأته:
ولد “الفقيه الخطاط” على رأس القرن الثاني عشر الهجري (1100هـ)، وتلقى أبجديات الثقافة الدينية واللغوية في “ولاته” حيث درس الفقه على علمائها، كما يفترض أن يكون درس القرآن ومبادئ العقيدة الأشعرية والنحو البصري المعهود تلقينه للمبتدئين.
دراسته وشيوخه:
سافر الفقيه من مدينة “ولاته” موليا وجهه شطر منطقة “إيكيدي” حيث علماء “تشمشه”، فقرأ النحو واللغة على “ألفغ انجبنان الحيبلي”، ثم قصد “أزواد” بغية لقاء “الشيخ سيدي المختار الكنتي”(ت: 1226) وعند ما لقي “الخطاط” هذا الشيخ أشار عليه بالسفر إلى “سيدي أحمد الحبيب السجلماسي” فعمل بمشورته.
ولما وصل إلى “سجلماسه” وجد قطبها منذ مدة لم يخرج إلى الناس فخرج له حين جاء، وقال له: ارجع إلى أهلك فقد قضيت حاجتك، وأخذ عليه الطريق الصوفية وعممه فور لقائه له، وأخبره بولادة ابنه “أحمد محمود”.
تلامذته :
كان للفقيه الخطاط تلامذة كثر خاصة في مختصر خليل حتى أنه ليبلغ دارسوه عليه المائة في بعض الأحيان، وقد وضع عليه طرة سهلت عليهم فهمه، وتداولها الطلبة بعد ذلك.
ولعل من أهم أسباب كثرة تلامذته ما تميز به من أخلاق عالية؛ لأنه كان رفيقا بالتلاميذ رحيما بهم حاملا كلهم، ومن أهم تلامذة الخطاط:
– ابنه : محمدو
– ابنه: أحمد محمود
وقد خلفاه في التدريس ونشر الطريقة الشاذلية.
– سيدي عبد الله بن الفاضل الباركي
– آفلواط بن مولود الباركي
– أحمد خرشي بن مسكه الباركي
– حامد بن أعمر البرتلي
– ابوه بن الأمين اليعقوبي ، وغيرهم.
آثاره:
لم يبلغنا من آثار الفقيه الخطاط سوى:
– طرة وضعها على مختصر خليل.
– مقطعات شعرية في الابتهالات تنم عن علو كعبه في المعرفة.
كراماته:
تذكر للفقيه الخطاط كرامات عديدة من قبيل طي الأرض والتعليم اللدني وسوى ذلك، فيروى أن تلميذه “سيدي عبد الله” أتاه قرب “تابرنكوت” شمال شرق مدينة “اكجوجت” يسوق بقرات عجافا متوجها بهن إلى أمه، وهي في أرض تيرس، والفصل فصل الصيف، فطلب التلميذ من الشيخ الدعاء بتيسير ذلك السفر، فخطا معه الشيخ خطوات، فحال بينه وبين البقرات، فنام ثم انكشف القتام، فإذا هو وبقراته أمام بيت أمه في “تيرس”.
وقد أتاه تلميذه “أحمد خرشي” السابق الذكر بغلام صعب عليه حفظ القرآن وقال له: “حفظ لي ولي جملي بارك” فأدخله في أحد كميه وأخرجه من الآخر فحفظ القرآن من حينه.
فضله ومكانته:
عرف صاحب فتح الشكور “الفقيه الخطاط” بأنه “الشيخ العالم العامل الفاضل التقي النقي السني الفقيه المدرس… كان ـ رحمه الله تعالى ـ سخيا من أهل الهمم العالية والأخلاق المرضية، جميل الصحبة سري الهمة، محبا لأهل السنة مجانبا لأهل البدعة، مداوما على الطهارة وإسباغ الوضوء على المكاره، وكان يتشقق ذراعه حتى يخرج منها الدم زمن الشتاء من شدة البرد، وصولا للرحم يحب أقاربه وعشيرته ويحمل كلهم… يواسي ذوي الحاجات ويحب الفقراء والمساكين ويكرمهم…”.
وقد حلاه ” المختار ولد حامد فقال:”هوالعالم والفقيه الشهير العالم العامل المدرس المؤلف، وبه أغيى “مولود بن أحمد الجواد” حيث قال يتغزل: (البسيط)
وَلَوْ رَأَى الخاشِعُ الخَطَّاطُ سٌنَّتَها
ما مازَ بِالفَرْضِ بيْنَ الفَرْضِ والسُّنَنِ
كل هذه الصفات المحمودة المرضية جعلت الشيخ “معظما عند العامة والخاصة…” كما جعلت الناس يتأسون به فمن “سكن معه صار أديبا نقيا اقتداء بأفعاله وآدابه؛ لأن الناس أسرع إلى الاقتداء بأفعال العالم من أقواله…”.
وفاته:
توفي الفقيه الخطاط ـ رحمه الله تعالى ـ في شعبان من سنة 1196هـ، ودفن بقرب غدير في جانب “آكشار” يسمى “آنْتِرْ” في ولاية “إينشيري”.

مقالات ذات صلة