رأي/ ماذا بقي..؟

!

( الهدهد .م ص. ) بعد أن فشلت المعارضة في الاتفاق على مرشح موحد في الاستحقاقات الرئاسية المقبلة – والذي كان رهانها الأساسي ((cheval de bataille) – صرح حينها بعض زعمائها – في محاولة واضحة للتعويض عن هذا الفشل – بأنهم اتفقوا على “التعاون” في الشوط الثاني (….). كان يمكن أن يبقي هذا “التعاون” بصيص أمل لدى المتمسكين القلائل بوهم وجود “معارضة ما” في البلد ، لأن هذا “التعاون” مشروط بوجود شوط ثان ، وهو ما تشير دلائل الواقع ومؤشرات اتجاهات الرأي العام ونيات الناخبين على استحالته ، وبالتالي كان يمكن أن يحفظ هذا “التعاون” المبدئي – والذي لن يتم وضعه على المحك ، لانعدام شرط تطبيقه (الشوط الثاني) – الحد الأدنى من التنسيق – النظري طبعا – بين من يجمعهم الخندق السياسي الواحد ، وتفرض عليهم الظرفية السياسية المرحلية، إبراز وتثمين المشتركات وترك كل ما من شأنه أن يفرق جانبا. لكن المؤتمر الصحفي الأخير لمرشحي المعارضة – والذي استبعدوا فيه تبادل الدعم بينهم في الشوط الثاني (المستحيل أصلا) – أزاح آخر بصيص أمل عند أكثر المتفائلين باحتمال وجود أي تنسيق أو تعاون حتى ولو كان افتراضيا بين أطراف هذه “المعارضة”.
المعارضة جزء مهم من النظام الديموقراطي لأنها تشكل ثقلا مضادا (contre – poids) يمكٌن من إسماع صوت جزء المواطنين الذي لم يصوت للأغلبية الحاكمة ، وعرض وجهة نظره ، بل وانتقاد تسيير الأغلبية وإبراز مكامن الخلل فيه وتقديم مقترحات وعروض بديلة وغير ذلك من الأمور التي تتيحها القوانين والنظم الديموقراطية.
لكن – للأسف – المعارضة عندنا ليست معارضة برامج وأفكار أو معارضة رؤي و سياسات ، أو معارضة أيديلوجات وعقائد سياسية، بل معارضة أشخاص وأمزجة لا تتأسس إلا على المواقف الانطباعية المتقلبة التي تخضع للمؤثرات الذاتية على السلوك ، يعيدا كل البعد عن الموضوعية والنهج العقلاني الطبيعي، وهذا ماجعلها تتهاوى – كبرج من ورق – أمام أول تحد وضعته لنفسها (المرشح الموحد)، وما تلا ذلك كان تفككا متسارعا نجم عنه شبه إفراغ لمحتواها بعد أن أعلن العديد من مكوناتها – أحزابا وشخصيات وازنة – دعمها لمرشح الإجماع الوطني السيد : محمد ولد الشيخ الغزواني ، الذي احتضنها بكل أريحية وانفتاح…
لم يبق- للأسف – بعد ذلك ما يمكن أن يسمى معارضة بالمعني المؤسسي للكلمة ، وإنما بقي أفراد، ما يفرقهم أكثر بكثير مما يجمعهم ، لكننا نتمنى من الذين لم يوفقوا في الالتحاق بمرشح الإجماع الوطني التفكير في إعادة تأسيس المعارضة الوطنية على أسس سليمة خدمة لبلدنا و لديموقراطيتنا الفتية.

الناجي ولد عبد العزيز.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً