محمدو أمين : توشيح الباحث الألماني توشيحا لكل الباحثين الموريتانيين

نواكشوط 02 نوفمبر 2019 ( الهدهد .م .ص)

احتضنت قاعة المتحف الوطني في نواكشوط اليوم الاثنين محاضرة القاها لبروفيسور ألريك ريبتشوك بحضور عدد من الباحثين والاساتذة الجامعيين استهلها باعتزازه  وفخره بتوشيح رئيس الجمهورية السيد محمد ولد الشيخ الغزواني له في ذكرى عيد الأستقلال الوطني .
ثم تحدث عن تاريخ وصوله الى موريتانيا وما قام به وهو شاب من جهد للتطلع عن قرب على ماتزخر به المكتبات الموريتانية المتناثرة في طول البلاد وعرضها من مخطوطات وماتخرج من محاظرها من علماء احصى منهم ما يزيد على اربعمائة عالم ، منبها الى ما قوبل به من ترحاب في هذا البلد اينما حل وحيثما ارتحل.
وعقب على المحاضرة  البروفيسير محمدو ولد أمين رئيس المجلس العلمي لمركز الدراسات والبحوث حول الغرب الصحراوي .
لقد بين في تعقيبه ان المركز سنة 2010 نظم ندوة أنعشها البروفيسور الآلماني ألريك ريشتوك وطالبت فيها يقول محمدو بمنحه وسام شرف الأستحقاق الموريتاني .
وقد ساندني يومها زملاء واصدقاء عديدين حضروا تلك التظاهرة العلمية ، اتذكر من بينهم مثالا لا حصرا الزميلين الدكتور محمد ولد مولود. والدكتور ددود ولد عبد الله والصديق العزيز ميلود ولد لكحل .
ومنذو  ذلك الوقت وانا اقوم باتصالات عديدة وقطعت خطوات بطيئة في هذا  الاتجاه الى أن سنحت الفرصة ، حيث استجاب فخامة رئيس الجمهورية السيد محمد ولد الشيخ الغزواني مشكورا لإقتراح في هذا الصدد قدمه له زميلنا كان ممدو هديا مدير المكتب الوطني للمتاحف ، وذلك اثناء مراسيم افتتاح مهرجان المدن
القديمة يوم 7 نوفمبر المنصرم ، حيث وعد بأن يتم التوشيح في عيد الأستقلا ل .
وفعلا انجز حر ما وعد ، فقد اعطى فخامة رئيس الجمهورية التعليمات بخصوص الموضوع فتمت دعوة البروفيسور ليوشحه رئيس الجمهورية بشكل استثنائي بوسام ضابط في نظام الأستحقاق الوطني يوم 28 نوفمبر بمدينة اكجوجت.
وبهذا التوشيج المستحق يتحقق حلم راود كل الباحثين الموريتانيين الذين عرفوا هذا الباحث ” المتصوف” الذي يعتبر احد المتخصصين في تاريخ الآداب الموريتانية واحد أهم اصدقاء موريتانيا و ” خدام ” ثقافتها وتراثها وتاريخها.
لقد بدأت علاقات هذا الباحث بموريتانيا منذ 41 سنة بالضبط حيث وصل الى نواكشوط يوم 2 دجمبر 1978 وكانت انطباعته الأولية عن بلادنا جد ايجابية بفضل من لقبهم من القائمين يومها على قطاع الثقافة والبحث العلمي في خلال اللقاءات التي جمعته على وجه الخصوص مع الاساتذة المختار ولد حامد رحمه الله وعبد الله ولد بوبكر اطال الله عمره .
نشأت بين الباحث وهذا البلد علاقات حميمة رافقته الى هذه اللحظة.
فقد اصيب الشاب الباحث الآلماني بسرعة فيروس محبة للتراث الموريتاني وبفضل ما امتاز به هذا الباحث الطموح من مثابرة في العمل ووضوح في المنهج ودقة في التصور والأستقامة في التسيير ، لم تبخل عليه مؤسسات دعم البحث الآلمانية بالتبني ودعم مشاريعه البحثية في موريتانيا مماجعله بتردد على هذه البلاد طيلة ازيد من عشرين عاما، احيانا رفقة الزملاء الباحثين الآلمان واحيانا مع طلبته في الدراسات المعمق واحيانا اخرى بمفرده.
وقد قادته هذه الزيارات التي تستمر اسابيع وربما شهورا في بعض الحالات لتجول عبر المجال الموريتاني الفسيح ليتمكن من زيارة ما يزيد على ثلاثمائة من المكتبات في المدن والقرى والأرياف في هذه البلاد المترامية الأطراف.
وقد تكمن هذا الباحث الآلماني المثابر من الأطلاع على المخزون الموريتاني الثري في مجال المخطوطات فصور كثير منها ووضعه على الميكر فيلم مساهمة منه في انقاذ التراث المهدد بالضياع يقول البروفيسور الريك ريبشتو ك متحدثا عن الوجود الرائد لهذا التر اث الادبي الموريتاتي : ان انتاجه تطلب قرابة خمسة قرون، حيث قامت نخبة تنتمي الى أربعين جيلا بوصف الحياة المادية والفكرية عن طريق الكتابة .
لقد مكنت هذه الجهود التاريخية من حفظ المخطوطات في اعداد كبيرة في خلال المهمات التي قمت بها داخل البلد يقول الباحث حيث رأيت بأم عيني اكثر من ثلاثمئة مكتبة مختلفة الأشكال والأحجام زرتها مخطوطات قد رأيتها بما يتجاوز كثيرا ثلاثين ألف وثيقة ضف الى ذلك ان المؤلفات المجهولة وتلك التي اتلفتها عاديات الزمن تثري منتوج الموريتانيين الثقافي .
ولم تقتصر مجهودات صديق موريتانيا الآلماني المتعلقة بالمخطوطات الموريتانية على هذا الحد بل انه رقمن هذه المخطوطات ووضعها تحت تصرف الباحثين وطلب في الموقع عمر على الشبكة العنكبوتية .
وفضلاةعن حفظ جزء مهم من المخطوطات الموريتانية وتوفيرها للباحثين عبر العالم فقد نشر هذا الأستاذ عشرا البحوث والدراسات المتعلقة بالتراث الثقافي الموريتاني في طليعتها دراساته الرائدة تاريخ الآداب الموريتانية .
والتي نشرت في ثلاثة اجزاء 2001 والتي نأمل ان تتولى وزارة الثقافة والصناعة التقليدية والعلاقات مع البرامان ترجمتها الى اللغة العربية ونشرها نشرا رقميا في اسرع وبت ممكن.
وتتواصل عناية البروفيسور ألريك ريشتوك بالتراث الموريتاني حتى بعد التقاعد.فقد حصل من وزارة الخارجية الآلمانية على تمويل لنشر ثمانية اجزاء من موسوعة ” حياة موريتانيا” للعلامة المختار بن حامد أعتز بأني اشرفت يقول محمدو معه على نشر أربعة اجزاء منها وما يزال في جعبته مزيد العطاء..
ولعل من أهم ماميز هذا الباحث عن باحثين أجانب كثر ، ورعه العلمي في التعامل مع كنوز التراث فقد وقف على المخزون الوثائقي في فترة لم تكن الملكية الفكرية فيها ولا الوعي بأهمية التراث لدى اصحابه على ماهي عليه اليوم، ومع ذلك فلم يحتفظ هذا الباحث بأي ورقة من الركام الهائل الذي بهره وأحبه وخدمه طيلة عمره العلمي .
وانتهز البروفيسور ولد أمين الفرصة ليهنئ باسمه الشخصي وباسم زملائه الباحثين الموريتانيين حضورا وغائبين زميلنا البروفيسور ألريك ريبتشوك على هذا التكريم المستحق والذي نعتبره تكريما لنا جميعا .
والشكر موصول كذالك الى السلطات العمومية على هذه الألتفاتة الطيبة الى البحث والباحثين راجين ان تتواصل وتتعمق وتتجذر لأن العناية بالتعليم والثقافة والبحث العلمي هي الضمان الاساسي لأي تنمية جديرة بهذا الإسم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً